للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينصح أخوانه إذ يقول:

أحباي إني مذ أفقتُ من الهوى ... شقيٌّ فكونوا الدهرَ فيهِ سكارى

أما الذي لم يُدرك هذه العاطفة فهو لم يُدرك سرَّ هذه الحياة:

من لم يُحبّ فما الصفاء لهُ ... صفوٌ وما أكدارُهُ كدرُ

ويرى الحياةَ ولا يعيش كما ... مرَّت على مرآتها الصوَرُ

ويقول عن قلبه وهو يعني كل قلبك:

يبغي الشفاء من الولوعِ ... ولا شفاء مع الولوعْ

ألف الصبابةَ فهي أمٌّ ... مُرضع وهو الرضيعْ

والطفلُ يشقى بالفطامِ ... فكيفَ يقبلُهُ مطيعْ

لا متسع لدينا أيها السادة لذكر كل ما يجول في صدر شاعرنا الرحب العواطف , كحنينه إلى الوطن , وعطشهِ إلى ذلك المنهل الصافي الذي روى صباه , ووفائه لأصدقائه ونزوعه إلى كل أمر نبيل. فإن هو الغصن الرطب يميل بهِ كل نسيم , أو وجه البحيرة الصافي يحرِّكه كل ريح. وهو القائل عن نفسه:

والذي درعُهُ فؤادٌ رقيقٌ ... فجريحٌ إن يقتحَمْ أو يقاجم

فمسكين ذو القلب الرقيق في معترك هذه الحياة إذ يبيت

وفي الجسم نارٌ يلذعُ القلبَ وقدُها ... وفي القلبِ نارٌ مثلها تلذعُ الجسما

وإذا كان صاحب القلب الرقيق شاعراً من طبقة خليل فهو يصيح:

أنا الألم الساجي لبعد مزافري ... أنا الأملُ الداجي ولم يخبُ نبراسي

<<  <  ج: ص:  >  >>