للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سنوات كامة يأخذ الفنَّ عن

مشاخير أربابهِ. وقد اقترن في غضون ذلك بابنة مساعدهِ بائع الخمرو فكانت له خير شريكة في حياته. ولمَّا أنس فردي من نفسه الإِستعدادَ اللازم , أخذ يضع قطعاً موسيقية , ويؤلِّف روايات ملحّنة من المعروفة عند الإفرنج بالأوبرا. فلاقى نجاحا يذكر , وعُرف اسمه بين كبار الموسيقين. ولم تكن العقبات التي لاقاها لتُضعف عزيمته , أو تخمد نار همته؛ بل كان يواصل الدرس والعمل ليصلح من أسلوبه , ويصقل أنغامه. فلحَّن في خلال سبع عشرة سنة عشرين رواية أشهرها: نبوكد نصَّر , وأورشليم , وهزناني , ومكبث عن شكسبير , وريجولتُّوا عن رواية مضحك الملك لفكتور هوغو وترافياتا عن لأدم أو كاميليا لدوس. وعظمت شهرتهُ على أثر تلحينه رواية مكبث فإنهُ تمكّن من أن يبرز بالألحان والأنغام تلك العواطف المتنوّعة التي عبَّر عنها شكسبير ببيانه السحريّ. ففي الليالي الثلاث الأولى لتمثيلها كان المسرح مكتظاً بالحاضرينو وقد أخذ الطرب منهم كلَّ مأخذ , فكانوا يطلبون المؤلف كل ليلة فوق الثلاثين مرة , وأركان القاعة تكد تتفوَّض من شدة التصفيق وهتاف الإِعجاب. وكانوا في ختام التمثيل يطوفون به المدينة ويرافقونه إلى منزله مهللين مكبرين. ورأى مواطنوهُ وجوب تكريم عبثريته فقدَّموا له أكليل غار من الذهب إشارة إلى تبوّئه عرش الموسيقى. ومن ثم نجاورت شهرة فردي حدود وطنه وعظم اسمه في أوربة , فمثِّت رواياته في أكثر العواصم والمدن الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>