للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتغريد ألسنة أرى أن السرور قد استفزَّكم وأنا أعذركم على هذا , إِذ ليس أشهى من قرب الأحباب , ولا ألذّ من العزلة لعشيقين افترقا مدةً فذاقا الأمرّين. أجل , إِننا سنفترق الآن لنجتمع غداً. نفترق الآن اثنين اثنين , لنعود أربعة وخمسة؛ نفترق الآن لكي نعشش فنعتاض مما أفقدتنا تعديات البشر القساة؛ نفترق لنعلّم الإنسان كيف يجب عليهِ أن يسعى لأولاده , ويجتهد بمساعدة زوجته. نفترق لنصير أزواجاً أصحاب عمل وأرباب بيوت فنكون أعضاءَ عاملين في محيطنا الأدبي والمادّي. نذهب الآن ليفتش كل عصفور منا على عصفورة تناسبه وتعجبهُ , فيحبها وتحبهُ , ويتعاونان على تربية أفراخها الصغيرة. إِياكم أن يعتدي أحدكم على عصفورة صاحبه؛ لأن ذلك يؤدي إلى الخصام والمقاتلة. وقد قال الكيم الغيرة قاسية كالموت والمحبة عميقة كالهاوية. إِياكم أن يبقى أحد منكم دون حليلة , لأنهُ يكون عرضة للانتقاد وإلقاء الشبهات , والويل لمن تقع الشكوك عن يده , ويقود أخاه إلى عمل الإِثم. إخواني أن الزيجة واجبة لازمة لاسيما وأنها لا تكلفنا شيئاً نحن جماعة الطيور بيت من القش اليابس , وحبة حنطة من الحقل وقطرة ماء من النهر هذا كلّ ما نتكلفهُ , فلا نحتاج القصور , لأن

قصورنا الجدران العالية والأشجار الباشقة , ولا نطلب الرياش , فكل ما في الطبيعة من تلك التي لم يلبس سليمان كواحدة منها هو لنا , ولا نطمع بالحلى , فإن ملابسنا لا تتغير فهي ثابتة مثل قلوبنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>