للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آلهتكم وضعتم معها أنتم في ثنيَّات القرون. حقيقة كشفتموها ومَثَلٌ ضربتموه هو أن الأرض الخبيثة لا ينبت فيها الطيَّب بل الخبيث. الأرض الخبيثة تبخلُ على الزهرة بشيءٍ من قواها الحيوية فتخرجها ضعيفة القوام لا تقوى على الفواعل. تتأُر حتى من النسيم البليل , وتحرقها حتى حرارة شمس الخريف المعتدلة , ثم أنها تُودّع الحياة غير شبعانةٍ من الأيام كأنها أمل في صدر الفتاة ما عتم القضاء أن رماه باليأس فأطفأ نوره أما الأشواك فلها من التربة السوداء كل حياةٍ تجعلها راسخة الجذور رسوخ حب الأثرة في نفوس الجبَّارين , وتبرزها محدَّدة الرؤوس كأنها حراب الجنود المسخَّرة لتدمير الشعوب الضعيفة , وتكوّنها جاثيةً على الرمال كأَنما هي رؤوس الأرواح الشريرة نافرةً من بطون الأَرضين على وجه البسيطة. الفضيلة تلك الزهرة الضعيفة القوام لا تلبث أشواك الاجتماع أن تقضي عليها , لأن نفوس البشر تربة خبيثة لا تغذّي الأزهار ولكنها تغذّي الأشواك السامة , تبسطها على طريق المصلحين فتدمي أقدامهم , وتملأ بها سبيل التعسء فتزيد آلامهم , فيا تعست تلك

التربة الخبيثة وتعس من ورائها الجناة الآثمون! الفضيلة زهرة عطرة لا تحبُّ أن تخرجها الأرض , لا بل لا تحب هي أن تخرج من الأرض , لأنها لا تُريد أن تتغذّى بعناصر أشقياءِ هذا العالم تدكّهم عروش الظالمين , وتحشرهم في الأجداث المظلمة , فتحلهم الطبيعة غذاءً لها , فبئس غذاء الأشواك لا غذاء الورود , وبئست تلك

<<  <  ج: ص:  >  >>