للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْ كَتَبَ سَوفَ يكتبُ

يقولُ الإفرنج في أمثالهم من شَرِبَ سوف يشرب إِشارة إلى أن مُدْمِنَ الخمرة لن يُقلعَ عنها. ويصحُّ إِن نقولَ من كتبَ سوف يكتب بمعنى أنَّ مُدمِنَ الكتابةِ لن يكسرَ قَلَمهُ. والصحافة هي إِدمانُ الكتابة فمن زاولها مدَّةً , وذاقَ حلوها ومُرَّها لن يعرف أن يعيش بعيداً عنها. والأمثلة على ذلك كثيرة. عَلِمَ القرَّاءُ أن اسكندر أفندي شاهين الصحافي المعروف قد ودَّع

الصحافة يوم غادر الديارَ المصرية قاصداً البلاد البرازيلية لتَعَاطي التجارة فيها , بعد أن خدم القلَمَ بأمانةٍ وإِخلاص مدَّةً ربع قرنٍ. وقد أقام لهُ يومئذٍ زملاؤُهُ حفلة لتوديعهِ , وتمنى عليهِ الكثيرون ألاَّ يهجر الكتابة هجراً تامّاً , لأنَّ لهُ في ميادينها جولاتٍ صادقة , وكنت بين المشتركين في الحفلة , فتبسَّمت لدى سماعي التعبير عن هذه الأمنية , لأنَّهُ كان قد بلغني أن الصديق اسكندر قد وَضَعَ في حقيبةِ سفرهِ كليشة حفرها في مصر باسمٍ جريدةٍ قد يُصدرها في البرازيل. ولم تلبث الأيام أن جعلت الظنَّ حقيقة , فقد حمل إلينا البريد منذ أسبوعين رزمةً من أميريكا الجنوبية , ففضضتها , وإذا فيها جريدةٌ يومية بثماني صفحات عنوانها أميركا وأبحاثها متنوّعة لذيذة , وعبارتها منسجمة طليّة , وهي لصاحبها ومحرّرها اسكندر شاهين. فأيقنتُ أنَّ من كتبَ سوف يكتب وتمنّيتُ لأميركا نجاحاً وخيراً كثيراً.

حاصد

<<  <  ج: ص:  >  >>