للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شكوى المتيم]

كم تحتَ أذيالِ الظَّلامِ مُتَيَّمُ ... دامي الفؤادِ وليلُهُ لا يَعلَمُ

ما أنتَ في دُنياكَ أوَّلُ عاشقٍ ... راميهِ لا يحنو ولا يَترحَّمُ

أهْرمتَني يا لَيلُ في شرخِ الصِّبي ... كم فيكَ ساعاتٌ تُشيبُ وتُهرِمُ

لا أنتَ تُقصِرُ لي ولا أنا مُقصِرٌ ... أتعبتَني وتعبتَ , هل من يحكمُ؟

لله موِقفُنا وقد ناجيتُها ... بعظيم ما يخفي الفؤادُ ويكتمُ

قالت مَنِ الشاكي؟ تسائلُ سِرْبَها ... عنّي - ومَن هذا الذي يتظلَّمُ؟

فأجبنها وعجبنَ كيفَ تجاهلتْ ... هوَ ذلكَ المتوجّعُ المتألِّمُ

أنا مَن عَرفتِ ومَن جهلتِ ومَن لهُ ... لولا عيونُكِ حُجَّةٌ لا تُفحَمُ

أسلمتُ نفسي للهوى وأظنَّها ... ممَّا يُجشِّمُها الهوى لا تَسلَمُ

وأتيتُ يحدو بي الرجاءُ ومَن أتى ... متحرِّماً بفنائِكم لا يُحرَمُ

أشكو لذاتِ الخالِ ما صنعت بنا ... تلك العيونُ وما جناهُ المِعصَمُ

لا السهم يرفُقُ بالجريحِ , ولا الهوى ... يُبقي عليهِ , ولا الصبَابةُ تَرحَمُ

لو تَنظُرينَ إليهِ في جَوفِ الدُّجى ... مُتملمِلاً من هولِ ما يتجشَّمُ

يَمشي إلى كنفِ الفراش محاذراً ... وَجلاً يؤخّر رجلَهُ ويقدِّمُ

يَرمي الفراشَ بناظرَيهِ , ويَنثني ... جَزَعاً , ويُقدمُ بعدَ ذاك ويُحجمُ

فكأَنَّهُ واليأسُ ينسفُ نفسَهُ ... للقتلِ فوقَ فراشِه يَتقدَّمُ

رُشفت بهِ في كلّ جَنبٍ مديةٌ ... وانسابَ فيهِ بكلِّ رُكنٍ أرقَمُ

فكأَنَّهُ في هَولهِ وسَعيرهِ ... وادٍ قَدِ اطَّلعَتْ عليه جهنَّمُ

هذا وَحقِّكِ بعضْ ما كابدتُهُ ... من ناظرَيكِ , وما كتمتُكِ أعظمُ

قالت: أهذا أنتَ؟ ويُحكَ فاتَّئِذ ... حتى مَ تُنجِدُ في الغَرامِ وتُتِهمُ

كم نَفثةٍ لك تَستَثيرُ بها الهوى ... هاروتُ في أُثنائِها يَتكلَّمُ

إِنَّا سَمعنَا عنكَ ما قد رابنَا ... وأطالَ فيكَ وفي هواكَ اللُّوَّمُ

فاذهبْ بسحرِك قد عرفتُكَ واقنصِدْ ... فيما تُزيِّنُ للحسانِ وتُوهمُ

أصغت إلى قولِ الوشاةِ فأسرَفت ... في هجرها , وجنَت عليَّ , وأجرموا

حتَّى إذا يَئِس الطبيبُ وجاَءها ... أنّي تَلِفتُ تَندَّمتْ وتندَّموا

وأتت تعودُ مريضَها لا بل أتت ... منّي تُشيِّعُ راحلاً لو تَعلمُ

[لوعة وأنين]

أنا في يأسٍ وهمٍّ وأسىٍ ... حاضرُ اللَّوعةِ موصولُ الأَنينْ

مُشتهينٌ بالذي لاقيتُهُ ... وهو لا يدري بماذا يَستهينْ

سُوَرٌ عندي لهُ مكتوبةٌ ... وَدَّ لو يسري بها الرُّوحُ الأَمينْ

إِنني لا آمنُ الرُّسلَ , ولا ... آمنُ الكُتْبَ على ما يحتوينْ

لا فتى إلاَّ على

رثاء المرحوم علي باشا أبو الفتوح وكيل نظارة المعارف

جَلَّ الأسى فتجمَّلي ... وإذا أبَيْتِ فأَجْمِلي

يا مصرُ قد أودى فتا ... كِ ولا فتىً إِلاَّ علي

قد مات نابغةُ القضا ... ءِ وغابَ بدرُ المحفلِ

وعدا القضاءُ على القضا ... ءِ فصابَهُ في المقتلِ

حلاَّلُ عقدِ المعضلا ... تِ قَضَى بداءٍ مُعضِلِ

ويحَ الكنانةِ ما لها ... في غمرةٍ لا تنجلي

باتت وكارثةٌ تم ... رُّ بها وكارثةٌ تلي

يا زَهرةَ الماضي ويا ... ريحانةَ المستقبَلِ

كنَّا نُعِدُّك للشدا ... ئدِ في الزمانِ المُقبلِ

يا لابسَ الخُلق الكري ... م المطمئنّ الأمثلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>