للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللهِ ما تبكي الحظوظَ وإِنَّما ... تبكي انقسامَ رجالِها الأعلامِ

قذفوا بها من حالقٍ واستسلموا ... ليدِ الضغائن أيَّما استسلامِ

فأضاعتِ الجيشَ السياسةُ , وهو لم ... يُخلَق لغير مُهنَّدٍ صمامِ

أخطا الألى نسبوا لبعضِ عناصرٍ ... منها شعورَ شماتةٍ وتحامِ

فَلَنَحْنُ نَعلمُ أن عرشِ محمَّدٍ ... خيرٌ لنا من دولةِ الأروامِ

بل نحنُ نفهمُ أَنَّهُ بَرٌّ بنا ... من كلّ محتكمٍ من الآنامِ

ولئنْ تسكَّعَ جاهلٌ فردٌ , فهل ... يسري على المجموعِ شبهُ مَلامِ؟؟

أمعاشرَ النيل الأُلى قد ضمَّدوا ... بالحودِ جرحَ المجهَديِنَ الدامي

خفَّفتمُ عبَء الشقا , وبَعثتمُ ... تحتَ الهلالِ مَراهِمَ الآلامِ

ومطَرتم دارَ السعادةِ مثنعشاً ... وسهرتمُ للخطبِ غيرَ نيامِ

خطَّ الثناَء لكم دمُ الجرحى بها ... ودعَتْ لمصرَ مدامعُ الأيتامِ

وإلى سليلِ الضاربينَ من التقى ... بيتاً تُقدِّسُهُ عشائرُ سامِ

أنضى العفاةُ مطيَّهم , واستقبلوا ... من راحتَيهِ أخا السَّحابِ الهامي

فاسمعْ حفيفَ دعاءِ عثمانٍ وقد ... ذكروا الجميلَ بركعةٍ وصيامِ

بالفرقدَين بعابدينَ جلالةً ... طافوا بمحرابٍ لهم وإِمامِ

سَلْ عن أميرِ النيلِ سوريَّا وما ... فيها لهُ من موثقٍ وذمامِ

من ورقِ جابيها إلى كولمبُسٍ ... حجَّتْ هواهُ أكارمُ الأقوامِ

يتلمَّسُ السوريُّ من وجدٍ بهِ ... أُنسَ الضُّحَى في وحشةِ الإظلامِ

ويشوقُهُ سفحُ المقطَّمِ ذاكراً ... أوطانَ أحبابٍ إليهِ كرامُ

ما وجدُ غَيلانٍ بميٍّ مثلهُ ... وجداً ولا عفراَء بابنِ حزامِ

أَمعاهدَ الأحباب حسبُكِ شاعر ... من شعرهِ زَهرُ الربيع النامي

رقَّتْ حواشيهِ وذابَ , فخلتنُي ... منهُ استعرتُ مدامِعي وغَرامي

في النيلِ مهبطُ وحيهِ ورنينُهُ ... في الخافِقَينِ لهُ صدىً مُترامِ

فإذا ذكرتَ لهُ الخليلَ تمايدت ... أعطافُهُ طَرَباً بغيرِ مُدامِ

من بعلبكَّ , وآلهُ القومُ الأُلى ... بلغوا من العلياءِ كلَّ مُرامِ

أَفتى الشواردِ , كم سهرتَ وكم جَرتْ ... منكَ الجفونُ على الطروسِ دوامي

حتَّى بلغتَ مكانةً تَعِبَت لها ... نفسُ أمريءِ صعبِ القيادِ عصامي

عِلْمُ الفتى حليٌ ولكنْ قدرُهُ ... يعلو إِذا رصَّعتَهُ بوسامِ

بعضُ الفضائل لا يتمُّ جمالُها ... إِلاَّ إِذا عزَّزتَها بتمامِ

مثلاً أضِف للعلم بعضَ دعائمٍ ... من سدرةِ المجدِ الأغرِّ السامي

تتصيَّدِ الجوزاَء دون حبائلٍ ... وتَقُدْ جماحَ الدهرِ دونَ زمامِ

لحظتْكَ لاحظةَ الأمير فأغدقت ... سُحُبَ الرجاءِ على الفؤادِ الظامي

خصَّتكَ من إِنعامها وكأنَّها ... عمَّت بلادَ الشامِ بالإِنعامِ

وَطَرٌ , فأَوَّلُ جولةٍ فَرَحاً بهِ ... لدمي , وأوَّلُ خَفقةٍ لعظامي

ما بيننا نسبُ الخيالِ , وحبَّذا ... نَسَبُ الشعور ودقَّةُ الإفهامِ

فاهنأْ بما أدركْتَهُ ولعلَّهُ ... قد جاَء تَوطئةً لغيرِ مقامِ

واحرصْ على إِخوانك الغرِّ الأُلى ... قاموا بعهدِ ولاكَ أيَّ قيامِ

واذكر لسركيس كياستَهُ وما ... أُوتيهِ من حزمٍ ومن إِقدامِ

أمَّا أنا فبلطف روحِكَ شاعرٌ ... والشَّوق شوقي والهيامُ هيامي

فإِذا سمعتَ النوحَ فهو صبابتي ... وإذا استطبتَ الريحَ فهي سلامي

<<  <  ج: ص:  >  >>