للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وفاء النيل]

في هذا اليوم الذي كان فيه قدماء المصريين يقدمون لك فتاة من أجمل فتياتهم، ويلبسونها أجمل الأثواب وأثمن الحلى، ويأتون بها إلى وسط مياهك الهادئة ويطرحونها ضحية في أمواجك اللطيفة، نأتي نحن أيضاً أبناء القرن العشرين بتقدماتنا وضحايانا.

كنت إلهاً عظيماً، لأنك كجميع آلهة البشر قوة عجيبة من قوى الكون ومظهر غريب من مظاهر الأرض. فحسبوك إلهاً كسائر آلهتهم التي يعبدونها تحب النقمة وترتاح إلى سفك الدماء وتصبو إلى الذبائح والضحايا، لذلك كانوا يزفون إليك كل عام فتاة فتانة لتكون لك عروساً أيها الإله وابن الآلهة. .!

هذا الوحش الضاري السفاح الذي يشرب الدماء والإثم كالماء الذي نسميه إنساناً قد صنعك أنت أيضاً كسائر الآلهة على صورته ومثاله. . .

على نغمات العود والقيثارة والمزمار، وبين أناشيد الغناء وضجيج الاستحسان كانوا يأتون إليك بأميرة من أميراتهم في ربيع صباها وريعان جمالها يترقرق الحسن في وجنتيها ويتألف الجمال في خديها، ولا يخشون أن يطرحوها في أحشائك أنت إله الرحمة والصلاح!

* * *

كنت إلهاً عظيماً، ولا تزال إلهاً فخيماً بيدك الخير والشقاء، وبين شفتيك الموت والحياة، تضرب وتشفي، وتميت وتحيي.

<<  <  ج: ص:  >  >>