للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان هذا الجامع المبارك ظاهراً وباطناً منزلاً كله بالفصوص المذهبة مزخرفاً بأبدع زخاريف البناء المعجز الصنعة، فأدركه الحريق مرتين، فتهدم وجدد وذهب أكثر رخامه فاستحال رونقه، وأسلم ما فيه اليوم قبلته مع الثلاث قباب المتصلة بها. ومحرابه من أعجب المحاريب الإسلامية حسناً وغرابة صنعة، يتقد ذهباً كلها وقد قامت في وسطه محاريب صغار متصلة بجدارة تحفها سوبريات مفتولات فتل الإسورة كأنها مخروطة لم ير شيء أجمل منها، وبعضها أحمر كأنها مرجان. فشأن قبلة هذا الجامع المبارك مع ما يتصل بها من قبابه الثلاث وإشراق شمسياته المذهبة الملونة عليه واتصال شعاع الشمس بها وانعكاسه إلى كل لون منها كله عظيم لا يلحق وصف ولا تبلغ العبارة بعض ما يتصوره الخاطر.

وفي الركن الشرقي من المقصورة الحديثة في المحراب خزانة كبيرة فيها مصحف من

مصاحف عثمان (رض) وهو الذي وجه به إلى الشام. وتفتح الخزانة كل يوم إثر الصلاة فيتبرك الناس بلمسه وتقبيله.

وعن يمين الخارج من باب جيرون، في جدار البلاط الذي أمامه، غرفة لها هيئة طاق كبير مستدير فيه طيقان من صفر قد فتحت أبواباً صغاراً على عدد ساعات النهار، ودبرت تدبيراً هندسياً فعند انقضاء ساعة من النهار تسقط صنجتان من صفر من فمي بازيين مصورين من صفر، قائمين على طاستين من صفر تحت كل واحد منهما. أحدهما تحت أول باب من تلك الأبواب والثاني تحت آخرها، والطاستان مثقوبتان فعند وقوع البندقتين فيهما تعودان داخل الجدار إلى الغرفة وتبصر البازيين يمدان

<<  <  ج: ص:  >  >>