للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إدارة بيتها. وألقت كل هذه المهمات على عاتق الخدم لتحرص على راحتها وتتفرغ لسرورها. وإذا أرادت أن تولي سياسة منزلها بعض الاهتمام نراها تسيء التصرف لأنها لم تتعلم أصول التدبير والإدارة العائلية بل كانت في شاغل عنها في تدبير زينتها والتفنن في زيها.

وإذا رزقها الباري مولوداً لتحميه بعنايتها وتحرص عليه ساهرة على مستقبله، ترمي به إلى المراضع فيشب على أيدي المربيات دون أن تسمعه كلمة نصح أو تأديب. وربما دفعها حب الذات والملذات إلى تأخيره عن المدرسة إذا كانت ماليتها لا تقوى على إسرافها ونفقات ابنها، فتكون قد ضحت مستقبله على مذبح جهلها وحب ذاتها. وهكذا تنفق مالها وتتلف آدابها وتحط من قدرها وتضيع مستقبل عمرها وهي تجري وراء المودة والتقليد. ومع هذا كله لا تريد أن تفتح أذنها لغير كلمات الثناء والإطراء والويل لمن يقول أمامها إن

النساء سبب الشقاء. . . .

هذه هي حالة أكثرنا في هذا العصر وهذه هي ثمرات علمنا وتمدننا أبمثل هذا الاستعداد وعلى هذا المنوال نتهيأ لتربية الأحداث، وأوضاع الناشئة من لبن المبادئ ما صفي وراق، لنحفظها من أردان الفساد ونبث فيها روح المروءة وعزة النفس والغيرة على الوطن. قلنا إذا لم نطرح هذه الترهات والسفاسف إلى قعر البحار فتسعى إلى الحاجيات قبل الكماليات ونعمل على حفظ كيان الحياة قبل تزيينها، فلا يمكننا أن نقوم بمهمتنا في هذه الحياة بل نعيش تعيسات ونسبب تعاسة غيرنا. وعليه فلا يصح أن نتعلم التطريز ونترك الخياطة، وأن نهتم بالموسيقى ونهمل تدبير

<<  <  ج: ص:  >  >>