للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قليلاً قليلاً، كلما أجريت القلم فيها. ولكني لا أعلم هل يبلغ القلم مداه، أو يكبو دون غايته. وهل أستطيع أن أتمم رسالتي هذه أو يعترض عارض من عوارض الدهر في سبيلها. لأني لا أعرف من شؤون الغد شيئاً. ولأن المستقبل بيد الله.

عرفت أني لبست أثوابي في الصباح وأني لا أزال ألبسها حتى الآن. ولكني لا أعلم هل أخلعها بيدي، أو تخلعها يد الغاسل.

الغد شبح مبهم يتراءى للناظر من بعيد فربما كان ملكاً رحيماً. وربما كان شيطاناً رجيماً. بل ربما كان سحابة سوداء، إذا هبت عليها ريح باردة، حللت أجزاءها، وفرقت ذراتها، فأصبحت كأنما هي عدم من الأعدام التي لم يسبقها وجود.

الغد بحر خضم يعب عبابه، وتصطخب أمواجه، فما يدريك غن كان في جوفه الدر والجوهر، أو الموت الأحمر.

لقد غمض الغد عن العقول ودق شخصه عن الأنظار، حتى لو أن إنساناً رفع قدمه ليضعها لا يدري أيضعها على عتبة القصر، أو على حافة القبر.

الغد صدر مملوء بالأسرار الغزار تحوم حوله البصائر وتتسقطه العقول وتستدرجه الأنظار، فلا يبوح بسر من أسراره إلا إذا جادت الصخرة بالماء الزلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>