للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت سبب تعاستها. فعاشت حقيرة. وقد دفعتها الحاجة إلى الرذيلة فهوت لضعفها. وما سقطتها إلا نتيجة نظام سن لحياتها. فشبت بين الجرائم. وستموت أثيمة. دون أن يكون الذنب كل الذنب عليها.

هذه النفس خلقت لتكون عضواً عاملاً في المجتمع الإنساني فرذلها حتى أصبحت عبئاً عليه. ثم بترها بدل معالجتها فانسلخت عنه وفي قلبها نار. وفي جوفها علقم مما حل بها.

أمام هذا المنظر الرهيب. تحركت فيّ عاطفة الشفقة على هذا المسكين عدت إلى نفسي. فوجدتها قاصرة عن إعانته. فقلت لمن معي: كفانا ما شاهدنا فعودوا بنا.

ولما تحولنا عنه تقدم منا الضابط الذي كان دليلنا في رحلتنا وقال: - عندي من يستحق التفاتكم. وهو اللبناني قاتل ابن الخياط. وجارح الإيطالي في السجن منذ أسبوعين. فإن أحببتم فسأدعوه إليكم. ثم نادى: يا أبا فارس! هو ذا من يريد أن يراك. فاصعد من سجنك.

فأجابه صوت كأنه آت من وراء القبر قائلاً: ها أنا ذا وتلاه صليل سلاسل رددته أعماق تلك الحفرة. ثم وقع أقدام ثقيلة وظهر أمامنا رجل في الأربعين من عمره طويل القامة عريض الكتفين أسود اللحية كثيفها. وعيناه تقدحان في ظلام ذلك المكان شرراً وهو لابس

سروالاً ورداءً من الجوخ الأسود وعلى رأسه طربوش لف حوله منديل جيبه. نظر الرجل إلينا ثم حيانا وقال: ما تطلبون مني؟

زرنا هذا المكان ولما علمنا بوجودك قصدنا مشاهدتك في وحدتك

<<  <  ج: ص:  >  >>