للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتطلعي وابتهجي وقولي لي، أتريدين أن أنصب لك على هذه التلال خيمة منها تملكين هذه البرية الجميلة؟. . .

فآنست من نفسي انعطافاً كأنه يقول: أجل إن المشهد لباهر ولكن ليس هنالك كل رغائبي.

فقلت لها: ارفعي النظر قليلاً، وانظري إلى لبنان العزيز، وطن الأسود وأرض الأولياء. هاك صنين وقد جلس على القنة شيخاً جليلاً فصبحيه مع الشمس في رأس العام، وتمني له شيخوخة صالحة واطلبي لبنيه أن لا يقلقوا راحة أبيهم الشيخ، وقد شيبت رأسه الأعوام وحدبت ظهره الأيام. تلذذي بما يحمله إليك النسيم من منعطفات الوديان واستنشقي شذا الأرز ونفحات الرياحين. نقلي النظر في هاتيك القرى المنتثرة هنا وهناك، وانظري القرويين وقد هبوا لأشغالهم. خذي النظارة وانظري الرعيان على هاتيك الروابي وقد سرحت قطعانهم ترعى في المراعي الخصيبة، هاك الشبابات في أيديهم، ولو كنا على مقربة منهم لسمعنا ألحانهم الرقيقة. وها إن المكارين أيضاً ينزلون في معاجيل الطرق وهم يترنمون على ظهور دوابهم ويتغنون بالميجانيا والعتابا. آه ما أجمل الجلوس في ظلال تلك الأشجار الوارفة وما أحيلى المقام في هذا الجبل المقدس. فقولي لي الآن أتريدين أن تكوني أميرة على لبنان فتحيي فيه الشهامة والمروءة وترجعي إليه ما مات من الفضائل إلى الحيوة، وتقلعي ما يزرع فيه من زروع الفساد فتخفق فوق روابيه رايات الأمن والسلام؟

فتململت ثم قالت: ذلك من أفضل الأمور ولكن ليست لذتي في التسلط على الشعوب فعجبت لأمرها وذهبت بها إلى شاطئ البحر

<<  <  ج: ص:  >  >>