للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصدر عنها أغانٍ شجية ينقلها الهواء إلى السماء. وها هم أناس رُحل يصيدون الأسماك والأطيار، وهم عائشون أحراراً موطنهم العالم كله إذا أرادوا ذلك وفراشهم الأرض وغطاؤهم السماء. إنهم قبيلة تلئهة حياتها في الشمس والهواء، وها هم أفرادها بين أطفال وشيوخ ونساء وفتيان وفتيات قد كونوا شبه دائرة وأخذوا يرقصون حول نار مشبوبة يتصاعد لهيبها حيناً أفقياً وحيناً تعبث به الرياح. إنهم مجهولون وقد أسفرت النساء منهم عن أذرع كالأبنوس وصدور كالليل فلاحت النهود السوداء.

تعروا رجالا ونساء فألقوا بأنفسهم للاستحمام معاً الماء فامتزجت أصوات البشر الصادرة من صدورهم بهدير الأمواج. ورددت الريح الهابة صدى صنوج وغناء فتوقفت السحابة النارية في الفضاء فصاح بها صوتُ خفي: إلى الأمام. .

مصر كبساط من سندس زاه منعكسة عليه شمس كالذهب الأصفر وكل ما فيها وديان. يغازلها في الشمال بحر بارد وفي الجنوب رمل محرق وهي ضاحكة بينهما ضحك السعادة والاطمئنان.

هناك ثلاثة شواهق مثلثة الزوايا أقامها الإنسان وهي تدهش البصر، وقد مزقت رؤوسها الجو، وتجمعت حول قواعدها الرمال وإلى جانبها إله من الحجر الوردي اللون قد آل على نفسه حراستها لئلا تهب ريح سموم كاللهب فتضطرها إلى أحناء الرؤوس. وهناك مسلات منصوبة ونيل هادئ منساب تحركه نسمات تدفع الزوارق نحو مدينة تلامس منازلها الماء

<<  <  ج: ص:  >  >>