للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنالك طريقاً أخرى كان يمكننا أن نسلكها عن جانبنا الشمالي الأقصى وهي ممتدة من فاليستينون على مقربة من الشاطئ البحري إلى خالميروس من حيث تسهل مهاجمة دوموكوس ولكن من ورائها لا من أمامها مواجهة. وكانت خطة الجيش العثماني أن يسر نشأت باشا والحاج خيري باشا بكتيبتيهما الأولى والثانية في الطريق الأولى الوعرة فيهاجمان دوموكوس من الأمام، وأن يمشي ممدوح باشا وحقي باشا بفرقتيهما الثالثة والرابعة متتبعين الطريق الأخرى فيهاجمانها من الوراء بحيث يطوق العثمانيون دوموكوس ويلتفون حولها. أما أنا فاتبعت الفصيلتين الهاجمتين من الأمام!

وصعدنا إلى التل واجتزناه مسرعين حتى إذا دخلنا في الممر الضيق أبصرنا مسيل ماء ينحدر على الصخور الناتئة إلى وادٍ، بينا هو يتسع أمامنا إذا به يضيق كثيراً من الجنوب وقد اخضر زرعه وارتفعت فيه سنابل الشعير ارتفاعاً كثيراً عن الأرض كانت تظهر لنا في وسطه ومن خلاله قبالة أطرافه العالية، قرى كبيرة تحيط بها تلك السهول الخضراء

فتبين لنا كالجزر في البحر. ومشى جنود خيري ونشأت في وسط تلك الزروع فاستولوا على أقرب القرى بدون أن يتكبدوا خسارة ما. وكان رجال المدفعية يطلقون القنابل من خلال سنابل الشعير العالية فلم نكن نستطيع أن نعلم قوة تأثيرها في العدو إلا ساعة كانت تشب النار في مراميها ويصعد اللهيب إلى العلاء ويبين لنا دخان القرى المحترقة كعمود منتصب في الفضاء. أما اليونانيون فأخذوا يطلقون علينا مدافعهم ولكننا

<<  <  ج: ص:  >  >>