للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دافعها قبلاً، فإذا ما افتُقِدت الدوافع كلها أمعنت الحضارة في الانهيار على كل الصعد وفي شتى المجالات (١)


(١) تتفاوت الحضارات في خطتها التاريخية فيما يتعلق بالدوافع والإنجازات، كما تتفاوت في مخزون الإمكانات الذي لديها في مرحلة الإقلاع، ولعل هذا التفاوت هو السبب في الاختلاف الجوهري بين النظريات التي تحاول تفسير عملية نشوء الحضارة، إذ يتعلق البعض بالظاهر من تلك الإمكانات ويغفل عما قد يكون أصيلاً وجوهريًا، أو ما هو في الحقيقة قائد الأوركسترا وعنصر الضبط للإيقاع. أيضًا .. إن الحضارات ليست نماذج واحدة مستنسخة، على الرغم من أنها تخضع لقوانين حضارية واحدة، فكل منها يمثل تجربة فريدة تستحق الدرس والفهم، وإذا تجاوزنا ذاك التباين الطبيعي في مضمون الفِكَر الحضارية، فإن المخطط البياني للرحلة التاريخية لكل منها يقدم إحداثيات خاصة توضح قيمها الجوهرية والإمكانات المتوافرة لها دون غيرها، كما يوضح التباين بينها في طبيعة الإنجازات التي تحققها في أطوارها المختلفة والمستويات التي تجتهد الحضارة في السبق إلى توفيرها، أو تلك التي تطالها يد العطب قبل غيرها .. وسنحاول أن نرصد خصوصية التجربة الحضارية في العلاقة بين الفكرة والإنجاز على مستقيم الزمن، من خلال نموذجين حضاريين: الحضارة الإسلامية، والحضارة الغربية الحديثة. وسنعقد المقارنة بينهما من خلال رسم بياني لكل منهما، ينظر: المخطط رقم (٢)، والمخطط رقم (٣). =

<<  <   >  >>