للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خاتمة البحث في إمارة السعود]

أجملنا القول عن إمارة السعود فأتينا في مقالتنا بما يتعلق عن أصل هذه الإمارة ومنشأها وحياتها والأحداث التي عرضت لها في سبيل رقيها. ثم تكلمنا عن نشأتها الجديدة إلى يومنا هذا. ثم أردفنا هذا بشيء عم حالة البلاد وأخلاق أهاليها وعاداتهم وقوانينهم وأشرنا بعض الإشارة إلى تجارتها وصناعتها إلى غير هذه من الفوائد التي تخفى على كثيرين - وهانحن نختم هذا الفصل بذكر معاملات أهالي تلك الديار ونقودهم التي يتعاملون بها وأوزانهم وما ضاهي هذا المعنى.

وأول كل شيء نقدمه للقارئ هو أن يعلم أن المعاملات في تلك الأرجاء تجري في البيع والشراء على أحسن وجه. وكلها لا تتعدى أحكام الشريعة المنيفة. ولهذا إلا يعرف الربا ولا بيع العين بالعين مثلا. وإنما يجري عندهم نوع من البيع إلى مدة أو إلى آجال معينة بزيادة في القيمة عن حالتها الأولى في حين بيعها. مثلاً: إذا أشترى رجل بضاعة وليس له ما يدفع قيمتها يقول للبائع: أنتظر على مدة كذا أو كذا وأنا أدفع لك ثمنها مع زيادة كذا تعويضاً للضرر الحاصل من تأخير الدفع.

وأما النقود التي يتعاملون بها فغريبة السعر لأنه يتغير من حالة إلى حالة والنقود هي هي وبعبارة أخرى: أن أسعار الدراهم تختلف باختلاف الوقت فإن زادت مقاديرها انحطت أسعارها؛ وإن قلت: ارتفعت فهي كالسلعة أو الطعام. مثلاً لو فرضنا أن الليرة تساوي اليوم ٩ ريالات فيأتي يوم وإذا قيمتها أصبحت ١٠ ريالات أو بالعكس ٨ ريالات ونصف مع أن الليرة باقية على حالها. وهذا السعر يختلف أيضاً إذا زادت الرغبة في النقود الفلانية دون الفلانية وكذلك الحاجة إليها. - وأروج النقود اليوم في ديارهم وأكثرها تداولاً عندهم هو الريال الفرنسوي وقيمته عندهم في هذا العهد اثنا عشر قرشاً صحيحاً ونصف على حساب نقود بغداد و٥٠ متليكا أو فرنكان و٨٣ سنتيما. وهو أساس جميع معاملاتهم وقيمة هذا الريال فقط ثابتة لا تتغير. والنقود الذهبية تباع وتشترى به. ومن دراهمهم النافقة عندهم الليرة العثمانية وقيمتها تختلف بين عشرة أريل واحد عشر ريالاً. وبدل الليرة الإنكليزية ليرة عثمانية وريالان فرنسويان. أما المجيدي فتارة يكون بريالين إلا ربعاً وحيناً بريالين

ونصف. وقد يكون سعرهما بين هذين السعرين أيضاً بزيادة أو نقصان.

وفي هذه الأيام الأخيرة انتقلت إلى ديارهم الربية الهندية وكثر التعامل بها. وقد أوشكت أن تكون أساس النقود والمعاملة لكثرتها.

وقد كان آل سعود الأولون حاولوا في غضاضة سطوتهم وقوتهم وامتداد شوكتهم وملكهم أن يضربوا نقوداً عربية خاصة بهم وببلادهم فافلحوا في بادئ الأمر ثم نكصوا. أما أنهم افلحوا فلكونهم سكوا نقداً سموه (الطويلة) لصورته وهي قطعة نحاس مربعة في طول هكذا وأنشئوها بدلاً من النحاسات أو البارات والمتليكات ووسموها سمة بحيث يصعب تقليدها. ووضعوا على أحد وجهيها اسم الحاكم. وأما أنهم نكصوا فلكونهم لم يستطيعوا أن يحققوا كل ما كان في نيتهم إذا انقلب بهم الزمان ظهراً لبطن فلم يضربوا النقود الفضية ولا الذهبية.

ويوجد اليوم من (الطويلة) في الاحساء والمعاملة تجري بها. و٣٥ طويلة أو ٤٠ طويلة تساوي ريالا فرنسويا. - وقد حاول الأمير ابن رشيد أن يضرب سكة جديدة وجلب لها من الهند مقداراً وافراً من النحاس والفضة ثم أحجم لخوفه من أرباب الدولة العثمانية ومن سوء العقبى. ولعله كان يعود إلى تحقيق فكره في فرصة مناسبة لولا أن الموت عاجله قبل أن يتم ما نواه.

أما الوزن عندهم فينقسم إلى عدة أقسام ترجع كلها إلى أم واحدة هي (الوزنة) ولوزنة عندهم عبارة عن ثقل ٦٤ ريالاً فرنسوياً موزوناً معاً. (والمن) عندهم يساوي ٣٣ وزنة. وتقسم الوزنة إلى (نصف وزنة) وهي عبارة عن ثقل ٣٢ ريالاً فرنسويا (وثمن وزنة) و (نصف ثمن الوزنة) وهذه الأوزان تتخذ لبيع التمر والسمن (الدهن) وما شاكلهما. - أما المثقال وما يتفرع منه مما يتخذ لبيع الذهب وسائر الأشياء الثمينة فهو بالوزن الذي كان معروفاً في أيام الدولة العباسية أي نحو ٥ غرامات من العيار الإفرنجي.

أما الكيل فأساس المعاملة به هو (الصاع) ويقسم إلى ثلاثة إمداد وإذا وزن ما يحويه من الحنطة ساوى ثقله ٦ وزنات مع شيء زهيد يقل أو يزيد لا يحضرني الآن قدره على التحقيق. ونصف الصاع مد ونصف (وهم يلفظون المد بكسر الأول لا بضمه) ويساوي الصاع ستة نصيفات. والنصيف (وزان زبير) يقسم إلى ربعين

<<  <  ج: ص:  >  >>