للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأربعة أثمان من المكاييل المعروفة تنحت من الخشب.

وأما الذراع فالمستعمل منها عندهم (الذراع الطبيعية) وهي التي تمتد من رؤوس الأصابع إلى المفرق أي نحو ٤٥ سنتيمتراً. والحاكم نفسه يعين مقدار امتدادها أو طولها على التحقيق.

واعلم أنه لا يجوز لأحد أن يعمل الأوزان والمكاييل والمقاييس ما لم يطلع عليها الحاكم ويسمها بخاتمه وقد نقش عليه اسمه أو شعاره دلالة على أنه يجوز العمل بها - وهنالك أشياء تباع جزافاً أو قطراً (أي كوثر كما يقول أهل بغداد) مثل التين والحطب والفحم واللحم والملح وما شابهها فتباع بالتخمين والظن والنظر حسب المراضاة. وبهذا القدر كفاية.

سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض

[برس نمرود]

(تابع لما في ١: ٣٣٣)

لما أخذ وجه الشمس يبدو على الأفق حثنا الشوق إلى أن نسرع في الذهاب إلى زيارة برس نمرود قبل أن تؤذينا شمس الربيع بحرارتها، لأن لا ربيع في ربوع العراق. فما كانت الساعة السابعة صباحاً إلا ونحن على ظهور الجياد العراب المتعودة السير في تلك الأرضيين الجليلة القدر والشان في التاريخ وكأن العناية الإلهية رأت أن لا طاقة لنا باحتمال حر النهار أنشأت سحباً في الجو لتظلنا طول سفرنا مع أن وجه سماء العراق سافر في اغلب أيام الربيع. وما كدنا نخرج من الحلة إلا وهبت ريح غربية غريبة بدأت رخاء ثم ما زالت تشتد شيئاً فشيئاً حتى غدت ريحاً صرصراً حدقت بنا من كل جانب، وأخذت تذر علينا تراباً دقيقاً متلززاً متلبداً. وما كانت الساعة العاشرة إلا وغدت الريح أشد ما تكون. وقامت في وجهنا غشاوة من الغبار الدقيق حتى أنه لم يمكنا أن نرى ما بين يدينا على بعد ٢٠ مترا. ومع هذا كله لم يدر في خلد أحدا منا أن يرجع القهقرى ويعدل عن الإمعان في السير. فما زلنا نصل الوخد بالذميل حتى ضقنا ذرعاً. وكل ذلك لنشاهد ذك البناء القديم الذي يجلب الناس من شاسع الأقطار القاصية. وظللنا سائرين الواحد بجنب الآخر بدون أن نعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>