للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطريق التي نسير فيها. وزد على ذلك أننا كنا نلاقي في سبيلنا أنهراً كثيرة وجداول جمة تسقى الأرضيين المزروعة فكانت جيادنا تغوص في وحلها فتتأذى منه، إلا أن ثقتنا بادلتنا كانت عظيمة ولهذا ما كنا نخاف أمراً.

لكن لما انقضت الساعات الثلاث وهي المسافة التي بين الحلة وبرس نمرود قلنا لأدلتنا: أين أنتم يا ربع، وأين برس، ها قد مضت الساعات الثلاث ونحن لم نر شيئاً منه؟ قالوا: (لا تخافوا يا قوم بل اتكلوا على الله ميسر الأمور ولولا اشتداد هبوب الرياح الذاريات لرأيتموه.) ومهما كانوا يقولون فإننا ما زلنا نخبط في سيرنا خبط عشواء، في ليلة ليلاء. ولا نصل إلى الغاية المطلوبة.

ثم قيض الله لنا أن صادفنا رعاة غنم فسألناهم عن الطريق فهدونا إليها. ومن فورنا عدلنا عن الأولى إلى الثانية. ورأينا أنفسنا للحال بازاء الأنقاض المنشودة، فدنونا منها فإذا هي

ضخمة فخمة جليلة.

وصف تل برس

هو تل شاخص قد اختلف العلماء في سمكه فإن استرابون الذي هو من قدماء مؤرخي اليونان (المتوفى في عهد طيباربوس قيصر في منتصف القرن الأول للمسيح) يقول إن ارتفاع هذا الهيكل الفخم ذي الطباق السبع استادة واحدة (والاستادة هي عبارة عن ١٨٥ متراً) وعرضه استادة أيضاً. وذكر فلندرن أن قياس قاعدة برس هو ١٥٤ في ١٩٤ متراً. أما ارتفاع هذه الأطلال في هذا العهد فأرقام الزائرين لها لا تتفق بعضها مع بعض فإن لنورمان وريش يقولان أن ارتفاعها يبلغ ٧١ متراً، وفلندرن وكوست يجعلان سمكها ٧٠ متراً ونصفاً. أما أوبر فلا يرى ذهابها في الهواء إلا نحو ٤٦ متراً. وهناك سميط عظيم (السميط آجر قائم بعضه فوق بعض وهو الذي يسميه بعضهم شقة حائط فيه خروق نافذة من الوجه الواحد الآخر على أبعاد متفاوتة قطر كل خرق منها يختلف بين ١٢،. من المتر ولم يستطع أحد أن يهتدي إلى سبب وجودها.

أما صفاح هذا التل الضخم وجوانبه العريضة فقد خددتها الأمطار الغزار، التي تنتاب هذه الديار، في فصلي الشتاء والربيع. والسميط القائم هناك ماثل يستهزئ بالرياح العاصفة، والرعود القاصفة. ويشهد على أن علم الأقدمين

<<  <  ج: ص:  >  >>