للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - زرع النخلة وغرسها

النخلة قد تنبت من النواة لكن نخلها لا يجئ إلا بعد مدة طويلة تكاد تكون ضعفي أو ثلاثة أضعاف مدة النخلة الناشئة من التال وإذا جاءت النخلة النابتة من النواة فلا تكون مثل أمها الأصلية بل تمتاز عنها فيسمى نتاجها (دقلة) وقد تشيص (أي يفسد تمرها) والنخلة النابتة من النواة تسمى الجمع (بالفتح) وإلا فالمألوف في غرس النخل أن يؤخذ صغارها وهي المسماة بالتال لا الفسيل لأن الفسيل أصغر من التال اللهم إلا إذا كان صاحب البستان فقير الحال وليس له تال في بستانه ولا يريد أن يصرف مالاً لشراء التال فيقلع الفسيل ويكتفي به عن التال أنا التال فيقلعه أحد العارفين ويتخذ لذلك الآلة المسماة عند قدماء العرب الفصحاء: (المجثات أو المجثة) ويسمونها اليوم في العراق الهيب وهي العتلة والمخل عند المولدين من أبناء الناطقين بالضاد.

ولا حاجة إلى أن تقلع التالة بعروقها لأنها إذا طرحت على حدة مدة شهر لا خوف على موتها بشرط أن تبل لكي لا تيبس عروقها وأكثرها ما يكون قلعها وغرسها في أيام الربيع والخريف وإذا شتلت في سنتها الأولى ووافق قدوم البرد عليها تلف لفاً محكماً بالحلفاء أو البردى أو الليف أو سعف النخل أو السوس أو نحو هذه الأنبتة لكي لا تؤثر عليها طوارئ الجو المفرطة.

وإذا كان غرسها في أيام الربيع ووافق قدوم الصيف عليها الطخت بالطين حتى يصبح لها كالثوب. والبعض الآخرون يلفونها بل قل يقمطونها بالأنبتة المذكورة كما يفعلون بها عند قدوم البرد عليها.

أما الفسيل فإنه يقلع ليباع لكي يأكل قلبه الأولاد الصغار وهذا القلب يسمى الجمار وأكثر الأولاد أكلاً للجمار هم اليهود ثم المسلمون ثم النصارى وقد يأكله كبار الناس وهو وإن يكن لذيذاً للذوق إلا أنه سيئ الهضم والمغبة.

وإذا عنى الزراع كل العناية بغرس هذا التال ومداراته ومراعاته يثمر بعد سنتين أو ثلاث في البصرة ونواحيها وبعد ثلاث أو أربع في نواحي العمارة وأربع أو خمس وما فوق في بغداد وما جاورها ولا حاجة إلى القول أنه يجب أن يكون معرضاً للشمس وإلا فقد

<<  <  ج: ص:  >  >>