للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسمى الديوان (ديوان الحقوق والضرائب) بعضهم قبل ذلك في القرن العاشر للميلاد، باسم المنظرة. قال المؤلف عجائب الهند (ص١١٩): وحدثني عن من دخل سرنديب (جزيرة سيلان) وخالط أهلها أن من رسوم سلطانها في معاملته أشياء منها أن له منظرة على الشط يضرب فيها على الأمتعة. اه. وفي رواية أن له منظرا. والأولى هي الصحيحة.

قلنا: وقد استعمل الكاتب هنا (وهو بزرك بن شهريار الناخذاه الرامهرمزي) كلمة الرسوم بالمعنى المعهود اليوم أي ما يشبه الضرائب أو الضرائب نفسها.

وقد وردت أيضا بهذا المعنى في كتاب الشريف الادريسي إذ يقول: ولواليها وجابيها شيء معلوم ورسم ملزوم على المراكب. وكذا في تاريخ الخطيب إذ يقول: وأما رسوم الأعراس والملاهي فكانت قبالاتها غريبة. وقد جاءت في غير هذه المصنفات. والترك اخذوا هذه اللفظة أيضا (أي الرسوم) عن المولدين من السلف بالمعنى المعروف اليوم.

فما أحرى بنا أن نقول اليوم كما قال من سبقنا: الديوان أو المنظرة أو دار الرسوم وأن نهرب من استعمال كمرك التي لم تعرف قبل القرن التاسع عشر للميلاد.

وأما المكس فالأصل فيه على ما قال ابن الأعرابي: درهم كان يأخذه المصدق بعد فراغه. وفي الحديث: لا يدخل صاحب مكس الجنة (اللسان في مكس) والمكس أيضا: دراهم كانت تؤخذ من بائع السلع في الأسواق في الجاهلية. والماكس العشار ويقال للعشار: صاحب مكس. والمكس: ما يأخذه العشار. ويقال: مكس فهو ماكس. (اللسان) فالمعنى الظاهر هو إن المكس من الضرائب الممقوتة أو هو الدرهم الزائد عن الحق. وعندنا إن الكلمة رومية (أي لاتينية) لأن ضرب الضرائب من أعمال الرومان - وإن كان قديما في حد نفسه - فالرومان هم الذين أشاعوا اتخاذه وعلموه في بلادهم. ونظن أن المكس من لسانهم (مكسما) بتقدير درهم، أي الدرهم الزائد على الحق، أو الدرهم المأخوذ ظلماً وفوق المقدر. وهو المعنى القديم للفظ العربي وقد أيد ذلك صاحب المصباح إذ قال: (وقد غلب المكس في ما يأخذه أعوان السلطان ظلما عند البيع والشراء.) اه

فترى من هذا كله أن الكمرك تركية الأصل يونانية النقل رومية الوضع والديوان فارسية النجار، والمكس لاتينية المعدن، أما المنظرة ودار الرسوم فمن محتد عربي صميم، فعلينا بهما: ولا سيما المنظرة لأنها شاعت بمعنى ما نظرت إليه فأعجبك أو ساءك وما ذلك إلاَّ لأن دار الرسوم كانت تبنى في اغلب الأحيان على شطوط البحار أو الأنهار ليشرف منها على السفن والمراكب حتى يتمكن الجباة من أخذ المكوس عند دخولها المكلأ. وبهذا القدر كفاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>