للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من ضيوف ليل نهار، فكانت تقوم بواجبهم بينما كان زوجها معتنيا بأمور التجارة.

وفي سنة ١٩٠٦ منح الحبر الأعظم جبرائيل أصفر لقب (كنت) أو كما يقول سلفنا (كند أو قند وهذا الترفيع لم يغير شيئا في حال الكندة أو الكنتس؛ إذ من كان مقامه من الفضل في مناط العيوق، لا يزيده علوا إذا ما أقر به الغير.

وذهب أهل البيت كله إلى لندن لأشغال التجارة فلم يكن ذلك مما سبب لأصحابه حياة جديدة غير الحياة التي ألفوها في البصرة، والذي انتفعوا منه هو أن الأبوين أدخلا ولديهما في مدرسة عالية في لندن ليتلقيا فيها اللغة الإنكليزية وآدابها ريثما يتم للأسرة انتظام أمورها التجارية فجاءت الإقامة في عاصمة الإنكليز ذات فائدتين: فائدة علمية أدبية وفائدة تجارية.

رجع الجميع من ديار الغرب والمنتسبون إلى هذا البيت الكريم على أتم مثال للفضل والفضيلة وكان كل واحد من أعضائه في رأس عمل بر أو شركة أو جمعية. وكانت

المساعدات التي تبذلها الكندة على الفقراء والمعوزين فوق كل تصوير. وكانت اليد اليسرى تجهل ما تأتيه اليد اليمنى؛ دع عنك أشغال البيت التي كانت تقوم بها خير قيام، فلقد كانت السيدة الكندة مثالا حيا للنشاط والمهمة والسعي إذ لا تدخل بيتها إلا تراها مشتغلة بأمور مختلفة، ولو كان عندها من الخدم والحشم فوق ما يرى في سائر البيوت والدور. وكلما كان الموظفون يرونها على هذا الوجه من الكد والجهد، كانوا ينشطون في العمل ويتعلمون منها تدبير الشؤون في الداخل.

والخلاصة أنه صح فيها كلام سفر الأمثال القائل: لباسها العز والبهاء وهي تفرح في اليوم الأخير. تفتح فاها بالحكمة. وفي لسانها سنة الرحمة. تلاحظ طرق بيتها ولا تأكل خبز الكسل. يقوم بنوها فيغبطونها ورجلها فيمدحها. إن بنات كثيرات أقمن لأنفسهن فضلا، أما أنت ففقتهن جميعا. الظرف غرور والجمال باطل، والمرأة المتقية للرب هي التي تمدح. أعطوها من ثمر يديها ولتمدحها في الأبواب أعمالها.

<<  <  ج: ص:  >  >>