للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي البيت سرداب لا ينفذ إليه إلا نور ضئيل يقضي فيه سكانه هاجرة الحر.

ويقسم البيت إلى ثلاثة أقسام. قسم للرجال وقسم للحريم والقسم الثالث للمطبخ والعبيد والجواري. والمطبخ مشيد باللبن. ووراء البيت جنينة وحقل للزرع. وكان الأثاث كراسي مختلفة الأشكال وحصرانا منسوجة من الخوص وخابي وأوعية وحبابا مشوية بالنار ومطلية بالألوان. وفي غرفة شلمان كرادو وامرأته سريران من خشب قوائمهما على شكل أرجل أسد وفوق كل سرير فراش وثير ولحافان. وكذا قل عن سرير شميرام. وفي غرفة شميرام أم سجادة بديعة قد نسجتها بيديها في وقت الفراغ. وهناك أوعية صغيرة للكحل والحمرة وأصباغ الوجه والشعر وغيرها من أدوات الزينة. وفي المطبخ رحى وتنور وقدور كبيرة. وفي الدار صواني ومائدة وملاعق وشوكات للأكل. كان العبيد والجواري يقومون بأشغال البيت من طحن وعجن وخبز وطبخ وغسل ثياب وغيرها.

كانت تجتمع أسرة (عائلة) شلمان كرادو يوميا للأكل معا إلا أن النساء يعتزلن الرجال في المآدب.

شبت شميرام في ذلك البيت أليفة الدلال وحليفة الشرف تقضي معظم أوقاتها في البطالة ومحادثة جاراتها من السطح وما كانت تترك السطح إلا إذا اشتدت حرارة الشمس وتعود إليه عند الشمس إلى المغيب وكانت تزور أحيانا صديقاتها في بيوتهن أو تذهب إلى التنزه أو إلى الهيكل للصلاة وقلما تعاني مشقة أشغال البيت مثل بنات الأوساط أو الفقراء. وعندما يضيمها الضجر ويلحقها السأم تعمد إلى الخياطة والتطريز وكانت حياتها على هذا الطرز من الفقر والكسل شأن كل بنات بابل المترفهات الناعمات.

لما صارت شميرام في فناء الدار رفعت نقابها وعمدت إلى كوز (تنكة) كانت معلقة بجسر الممشى وارتشفت الخمرة التي كانت فيها حتى ثمالتها واتجهت توا إلى غرفتها ومدت الحصير على الأرض واستندت إلى الوسائد الناعمة ثم أطلقت نفسها للهواجس.

يوسف غنيمة

<<  <  ج: ص:  >  >>