للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٢ - العصور

مجلة انتقادية في الأدب والعلم والسياسة، محررها وصاحب امتيازها: إسماعيل مظهر، إدارة المجلة بشارع الخليج المصري (ميدان غمرة) رقم ٦٧٠ بمصر.

بينما نرى الإفرنج يسعون في البحث عن الروح وخلود النفس ويغيرون أفكارهم بخصوص ماهيتها نشاهد اليوم عندنا ما يخالف هذا السعي. يقوم إسماعيل مظهر في مصر

لينزع الثمالة الباقية في صدور الشرقيين ثمالة الاعتقاد بالأديان، والدفاع عنها وعن محاسنها ومكارمها فيقول لنا في صدر مجلته بمنزلة آية سعيه: (حرر فكرك من كل التقاليد والأساطير الموروثة (ولا جرم انه يريد بذلك تقاليد الدين وما يسميه أساطير) حتى لا تجد صعوبة ما، في رفض رأي من الآراء. أو مذهب من المذاهب، اطمأنت إليه نفسك، وسكن إليه عقلك، إذا انكشف لك من الحقائق ما يناقضه) وقد عمل صاحب (العصور) بما صدر به مجلته ونشر مقالات هو وأعوانه لهدم كل معتقد ومذهب ودين.

لكن مهلا يا صاح! أن الهدم ميسور، أما البناء فشاق. افتعلم بما أشبهك؟ - أشبهك برجل غني قد ابتنى له قصرا آوى إليه هو والمنتمون إليه وهم فيه آمنون على نفوسهم مطمئنون إلى ما ورثوه من أجدادهم من هذا الصرح المنيع وما فيه من المرافق: وبينما هم كذلك جاءهم واحد وقال لهم: إنكم في بناء متداع وان كانت عيونكم تشاهد الخلاف. ثم قال لهم: والأحسن أن اهدمه لتسكنوا في صرح ممرد. قالوا: أين لنا ما تعدنا به؟ إننا لا نهجر قصرنا ما لم نره بعيوننا. فلم يقنع بما سمع واخذ ينسف ذلك القصر حتى لم يبق فيه حجرا على حجر، وأصبح سكانه المساكين يقاسون طوارئ الجو وتقلبات الهواء من برد إلى حر ومن مطر مدرار إلى صحو شمسه تلفح الأجسام حتى مات أكثرهم، فعلم الفيلسوف حينئذ انه اخطأ في ما توهمه.

فيا أيها الأديب الفاضل: جئنا بدين أو مذهب تطمئن إليه نفوسنا ثم تعال واهدم ما نحن عليه من معتقد آبائنا وتقاليدهم وما تسميه أنت أساطيرهم. أن الآراء التي تبسطها في جزأك الأول البارز في أول سبتمبر يقوض كل بناء

<<  <  ج: ص:  >  >>