للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليس لهم أي صنعة أو حرفة سوى الاستجداء والتعيش من الحسنات والصدقات التي يجود بها الناس عليهم وبينهم من يرون مهازيل نحفاء قد انتابت جسومهم الأوجاع والأمراض وعلى وجوههم سيماء الكآبة بل يقطر منها البؤس ويتمثل فيها الشقاء. شعث غبر قد تعود أكثرهم الرذيلة فلا تجد عندهم وفاء ولا ذمة ولا فضيلة ولا أيمانا صحيحا.

انك ترى أكثرهم لا يترددون في ارتكاب النكرات والموبقات والكبائر. يشربون الخمرة ويرتكبون الكذب ويستعملون الحشيشة ويشربون الأفيون وقد تجد بعضهم احسن حالا واقل شقاء فتراهم نظيفي الثياب حسني الأخلاق كثيري الفضائل ودعاء مسالمين.

ولبعضهم وسائل شيطانية في إغواء الشباب لهتك أعراضهم وتمزيق آدابهم فلقد يتحيلون مدعين بمعرفة (الكيمياء) - وهي في عرف العوام - أيجاد الذهب فيقربون من الفتية المرد بهذه الأحلام والخيالات ويصورون لهم القناطير المقنطرة من الإبريز الذي يحظون به تعلم الكيمياء حتى إذا وفق أحدهم لاصطياد فتى فر به إلى أرض نائية بعيدة عن وطنه وافسد أخلاقه فتكون الصلة بينه وبين الفتى الأمرد عين الصلة التي كانت بين والبة بن الحباب وبين تلميذه أبي نواس يوم كان غضا يافعا.

لباسهم

للدرويش لباس خاص وبزة غريبة هي أعجوبة من العجائب ومنظر فظيع يستوقف الناظر إليه فيدهشه، فيخيل إلى الرائي إذا نظر إلى الدرويش أنه يرى مخلوقا اقرب إلى الوحش منه إلى الإنسان. يتقوم لباس الدرويش (١) من قلنسوة طويلة من اللبد الأبيض ضاربة إلى صفرة موحشه بآيات قرآنية ومطرزة بأبيات فارسية تتوسطها طرة كتب فيها (بندة علي) أي (مملوك علي بن أبي طالب) وتحت هذه القلنسوة شعر طويل مسترسل كالجدائل على كتفيه فوجه أشعت اغبر قد التصقت في أسفله لحية نتنة هي أشبه شئ بالمخلاة (٢) من ثوب خلق فوقه جلد طويل من جلود النمور أو الخراف (٣) من جراب فيه أنواع

<<  <  ج: ص:  >  >>