للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هل للمرض الذي في جسمي ولحمي وأعصابي أن يزول عني كما زال القشر من سن الثوم هذا، ويضمحل بالسعير المتأجج في هذا اليوم. أخرج يا أذى السحر ليتسنى لي أن أشاهد النور مدة مديدة أيضا.

وكانت تعود هذه الرقية كل ما ألقى الكاهن شيئا جديدا في النار من تمر وغصن محمل وورد وسبيخة صوف وشعر معزى وخيط مصبوغ وباقلاء ويضيف كل مرة عبارة أو بعض عبارات إلى دعاء الرقية مما يناسب القطعة الملقاة في النار وعدم رجوعها إلى اصلها أو الانتفاع منها).

ولما طال الأمد على حترآء والكاهن يعزم خارت قواها لانتشار الضعف فيها فحملت إلى

فرشها وهي بين الحياة والموت. إلا أن الكاهن تظاهر بالاستبشار بهذا الحال زاعما أنها من تباشير الشفاء لان الآلهة الصالحين تكافح الأرواح الشريرة ولم تصبر قوة حترآء على هذه المصارعة بين القوتين الصالحة والطالحة. فإذا مر هذا الدور القصير وانتصرت الآلهة شفيت لا محالة.

ختم الكاهن هذه الشعائر بدعاء إلى (أيا) ومرودخ وآله النهار كما يأتي:

أيتها النار الرئيسة المتحركة المنتشرة في البلاد. البطلة ابنة الهاوية التي انتشرت في البلاد. يا آله النار يا من بنارك المقدسة أوجدت النور في دار الظلمات. أنت الذي تعين الأقدار على كل ما له اسم، أنت الذي تمزج النحاس والقصدير بإذابتهما، أنت الذي تنقي الفضة والذهب، وأنت الذي ترعد الأشرار في الليل، اجعل هذه الفتاة التي رجعت ابنة لإلاهها زاهية بالطهارة ولتكن نقية كالسماء وزاهية كذلك على الأرض لتتلألأ كما في وسط السماء وإن اللسان الخبيث الذي سحرها لا يعود فيقبض عليها.

توالت الأيام على حترآء والكاهن يكرر هذه الرقية صباح مساء وهي تزيد سقما ووطأة مرضها تزيد شدة. وبينما كان أبوها يسير ذات مساء في طرق بابل سمع النساء الجالسات على قارعة الطريق عند أبواب دورهن وبأيديهن مغازلهن يتحدثن عن مرض ابنته ويظهرن اسفهن على شبابها الغض. فقالت إحداهن: أن

<<  <  ج: ص:  >  >>