للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لحم البقر

منها ومنه - وذكرتم في تعليقه أخرى على مقال الأب مرمرجي المحترم أن كلمة (لحم) هي عندكم بمعنى (خبز) فانتقلت بصورة (لقم) العربية لان الخبز يكثر في طعام الناس ثم سموا ما يدخل الفم (لقما) من باب التوسع إلى آخر ما قلتم إدعاما لرأيكم هذا.

على أن مدلول (لحم) هو (القوت) مطلقا. فيكون معنى بيت لحم: بلد القوت أو الأرض

المخصبة كما يؤيد ذلك مرادفها (افراثة) التي معناها المخصبة، فهذا التأويل لا يتفق وتأويلكم. فما رأيكم الأخير؟

ج - تأويلنا أوسع نطاقا ما ذهب إليه حضرة الأب مرمرجي المحترم. لأننا أولنا اللحم واللقم يدل على كل ما يؤكل بقلا كان أو حبا، مطبوخا كان أو غير مطبوخا. فإذا كان كذلك، جاء معنى بيت لحم: بلد اللقم أي بلد كل ما يؤكل. وهذا لا يكون إلا في البلد الخصب وهو يوافق معنى افراثة أكثر من قولنا بلد القوت. لان القوت خاص بما يغذي من الأطعمة ولما كان المأكول قد غير مغذ لم يفد فائدة اللقم إذ اللقم يقع على كلا المعنيين: المغذي وغير المغذي.

أما أنه قد يخصص فيكون بمعنى الخبز فباب التخصيص لا تخلو منه مادة من مواد العربية. وهذه مادة ل ق م نفسها فانك ترى فيها: اللقم (بالتحريك) ويراد به معظم الطريق. وما ذلك إلا لان وسط الطريق يتلقى أرجل المارين على اختلاف أنواعهم كما يتلقى الفم الأطعمة فجعل لمعنى الطريق معنى خاص وذلك على هذا الوجه الذي أشرنا إليه من باب التخصيص إذ من بعد اكانت المادة تعني إدخال الشيء في الفم نقلت إلى الطريق لما هناك من عمل يشبه عمل الفم.

وبعد هذا الشرح ترانا في سعة عن العودة إلى البحث مرة ثانية. لأنه إذا كان الكلام لا يقنعكم، فلا يقنعكم وجود الشمس في رائعة النهار حين تصرون على القول بأن الظلمات ضاربة إطنابها في وقت يقول لكم الناس الخلاف.

على أننا إذا رأينا من يفند أقوالنا تفنيدا منطقيا علميا بلا تهويل وشقشقة فلا نبطئ في أن نسلم لغيرنا الحق إذا ظهر لنا ولغيرنا معا.

<<  <  ج: ص:  >  >>