للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهم بطن الآخر.

وإذا دارت على (الفار) أو (الدجاجة) قالوا سوف يتفشى الموت بين الناس. وإذا دارت على (الحية) أو (ابن آوى) قالوا سنتنا سنة خير.

وإذا دارت على (البقرة) فرحوا فرحا عظيما وبشر أحدهم الآخر بالخير والنعم والآلاء: لأن البقرة (حلابة) وأنها ستدر عليهم بإخلاف البركات.

والاعتقاد بعدم كروية الأرض غير مقصورة على العوام: بل هناك رجال ممن يعدهم الناس من العلماء الأعلام وهم يعتقدون عقيدة العوام نفسها فمن المعممين في بغداد (الملا نجم الدين) الواعظ في (الجامع النعماني) أمام دائرة البريد في الرصافة والخطيب في (جامع حنان) في جانب الكرخ.

ناقشني ذات ليلة في بيت الحلقوني اللوذعي الصديق السيد محمد منير أفندي القاضي وبمحضر منه واخذ يسرد لي حججه ليقنعني بعدم كروية الأرض؟! فجادلته وذكرت له المراصد التي شيدتها الدول الإسلامية في العصور المختلفة وذكرت له أسماء الرجال الذين اثبتوا كروية الأرض منهم: العلامة أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر الصوفي، والشريف أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي الشهير، وعلم الدين قيصر بن أبي القاسم بن عبد الغني الاسفوني المعروف بتعاسيف والعلامة رضوان الفلكي، وعلي بن عيسى الحراني، ومحمد بن مؤيد الدين العرضي: حتى أن هؤلاء جميعهم صنعوا كرات ليمثلوا بها كرة الأرض أو كرة الفلك. وقد حاولت أن أقنعه بالحجج العقلية والنقلية، إلا إنه أبى أصر، وذهبت أقوالي أدراج الرياح: ولما احتدم الجدال بيني وبينه جاءني من طريقة أخرى فاخذ يقرأ لي أحاديث موضوعة فحاربني بالحديث فسكت مضطرا لأني لم أشأ أن أقول له أن هذه الأحاديث موضوعة ومختلفة لئلا يرميني بالمروق والجحود والكفر والإلحاد.

واذكر أنني حضرت سنة١٩٢٣ وعظ الملا مصطفى، وهذا الملا مشهور بين البغداديين، وهو يعظ الناس في جامع (القبلانية) الواقع في (سوق السراي) وأمام (سوق الهرج) المحاذي للمدرسة المستنصرية والبغداديون يتهافتون على سماع وعظه في شهر رمضان لأنه يعظهم بلغتهم ويكثر من النكات الطريفة. وقد يشتم أحيانا. إذا احتدم وغضب، إلا أن الرجل طيب القلب محب لبلاده يحرض الاهلين على الخير، وقد قال ذات يوم وقد ورم انفه وعلا صوته غضبا

<<  <  ج: ص:  >  >>