للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما يدل على أن حكومتنا بريئة مما ينسب إليها.

٣ - مظاهرة في النجف

في يوم السبت ١١ شباط من هذه السنة، وصلت سيارة إلى النجف، قادمة إليها عن طريق كربلاء، وكان فيها أربعة رجال وصندوقان مغلقان، واتفق أن انكسر أحد الصندوقين قبل أن ينزل من السيارة. فسأل الركاب السائق عن الرائحة المنبعثة عن الصندوق فقال: هي

رائحة خمر. فدهش الفضلاء الروحانيون من نقل مسكر إلى النجف.

وما كادت السيارة تصل إلى محلها حتى بادر الحمالون بسرعة إلى نقل الصندوقين على دوابهم إلى صاحبهما وهو (محمد الفحام السوري) صاحب صيدلية النجف وما كاد الحمالون يضعون منقولهم أمام الصيدلية المذكورة حتى جاء مأمور مركز النجف وقبض على الصندوقين، فامتنع الصيدلي من تسليمهما.

فالح عليه مأمور المركز في تسليمهما فأبى الصيدلي وحينئذ كلمه المأمور بشدة فما كان من الصيدلي إلا أن لطم المفوض لطمة أو لطمتين. وفي الحال أمر مأمور المركز الشرطي الحاضر بين يديه أن يقبض على المعتدي فساقه إلى مركز الشرطة ومعه الصندوقان. ولا تسل عن تجمهر الناس. ولولا أن السلطة تزج المذنب بالسجن لكان بئس المصير.

وفي اليوم الثاني (١٢ شباط) أطلق سراح الصيدلي بعد أن وردت إلى الحكومة كتب العلماء، فكأنما أطلقت قنبلة من فوهة مدفع الرأي العام وباتت النجف في تحمس شديد.

وما بزغت شمس ١٣ شباط حتى رأيت الجماهير تحتشد في الأسواق وتهوس هوسات ترتج لها البلدة، ثم انقسمت هذه الجماهير إلى فرقتين: فرقة هجمت على الصيدلية وكسرت ما فيها من الخشن وحطمت بعض قناني الأدوية فتداركت السلطة الأمر بأن أرسلت ستة من الشرطة للمحافظة على ما بقي من الصيدلية وقد أعانهم بعض المنورين من الشبان.

والفرقة الثانية وعددها لا يحصى قصدت دائرة الحكومة في خارج البلدة ووصلت إلى قائم المقام فقيل للناس: أن الصيدلي في محله (وهو النادي) فهاجموا وماجو محاولين الدخول على الصيدلي ولكن همة مأمور المركز كانت عظيمة فحول دون أمنيتهم؛ فذهبوا إلى دائرة

<<  <  ج: ص:  >  >>