للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أطلقوني وقد مرضت وأشرفت على الهلاك وكنت اقضي أيامي في أحد المساجد ثم تعرفت بصاحب (قهوة) وكان مسلما من الأخيار الطيبين فكنت اغني نهارا في قهوته، وانفخ بالناي، فكان يطعمني.

ولما عاد إليّ نشاطي وصحتي تركت بيروت وما فيها من ظلم وعسف وجور، وأتيت إلى الشام ثم سافرت إلى بغداد ومنها إلى طهران.

بلي قربان! خيلى اذيت كشيده أم - لقد عانيت الاذى، ولهذا السبب خشيت أن أقص عليك حديثي، وانقطعت عنك وقد سألت عنك فعرفت إنك من الأخيار وألان أقص عليك حديثي وأكلمك عن السبب الذي دفعني إلى أن أكون درويشا:

حياة (أبو) القاسم بي بروا

وكانت الساعة الثالثة من الليل، فجيء بأكواب الشاي فشرب الدرويش ثلاثة اكواب، ومسك قدومه بيده ووضعها بجانب الكشكول، واخرج من جيبه مشطا من خشب الأبنوس واخذ يمشط لحيته الطويلة الصفراء، ويرجل جعد ذوائبه الطويلة ثم نظر إليّ نظرة طويلة وقال:

أي جوان! أي نور ريدة من! بنجاه سال دارم ازفلك بي رحم خيلي ستم ديدم بدرم درشيراز كارباس فروش بود - أي أيها الفتى يا نور عيني عمري خمسون سنة؛ وقد شاهدت ظلما من هذا الفلك الظالم. أبي كان في شيراز (بزازا) وقد قرأت في صباي القرآن وقرأت على (الاخند) أي (الملا) النحو والصرف والمنطق وقرأت الفقه، وحفظت كثيرا من كلستان سعدي الشيرازي وديوان حافظ الشيرازي.

بلي قربان! خيلي حفظ داشتم! كنون يك كمي ميدانم از مبتدا وخبر ونواصب وقضية صغرى وكبرى ببر سيد الحمد لله شما از أهل عرفان هستيد. أي كنت احفظ كثيرا وألان أيضاً أعرف قليلا. سلني عن المبتدأ والخبر والنواصب وقضايا المنطق في الصغرى والكبرى. الحمد لله أنت من أهل العرفان.

وكان والدي يحبني ويعزني كثيرا، لأني كنت ولده البكر وكان يهتم بي ويعتني بتربيتي أكثر من أخي الصغير. ولما بلغت الخامسة عشرة أخذني والدي

<<  <  ج: ص:  >  >>