للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الدكان لأعينه. وكان

لي عم توفي هو وزوجته وترك ابنته الصغيرة، فأخذها والدي إلى بيتنا.

وهنا زفر الدرويش زفرة شفت عن ألم عميق، واسترسل في حديثه وكانت ابنة عمي جميلة الخلق والخلق: مهناب بود، ستارة آسمان بود! كانت قمرا وكانت نجم السماء! وكنت احبها حبا جما، وكانت هي تحبني أيضاً حبا عظيما ولما بلغت العشرين زوجني إياها والدي وأقام الأفراح والولائم.

وهنا تغيرت لهجة الدرويش حالا واخذ صوته يتقطع ويرتجف ارتجافا متواليا ويرتعد جسمه ويهتز اهتزاز شجرة الصفصاف. وقفت شعرات لحيته الطويلة: فرمى السيكارة من يده وقال: وبعد مرور شهر واحد مرضت زوجتي مرضا لم يدم إلا يومين حتى أرداها. ثم استخرط في البكاء وهو يدمدم دمدمة الهائج الحزين المغلوب على نفسه.

أي خدا وندكار! حه كويم؟ أيها الرب ماذا أقول؟ ثم أخذ يزبد ويرعد ويرغو رغاء البعير وتدفقت دموعه حتى بللت خده ونحره. وأخضلت لحيته وقد طال بكاؤه وأنينه ساعة من الزمن، إلى أن نفدت عبراته وملت نفسه الأنين ولما انتهى دوره جاء دور السماء فأمطرت وابل الدموع. فقمت وأنا حيران في أمر هذا الدرويش الباكي الحزين وقد علمت يقينا إنه فجع بموت حبيبته.

أي مرشد خواهش دارم إمشب در إين اوتاق بخو ابيد تاريكي وباران بيرون آمدن خيلي سخت است. أيها المرشد أرجوك أن تنام ليلتك في هذه الغرفة (إذ اليوم لا يرى إلا) ظلام ومطر (ولهذا كان) الخروج عليك صعبا جدا.

فانطرح الدرويش على الأرض وخرجت من الغرفة فذهبت إلى مخدعي ونمت نوما متقطعا ولم يغمض جفناي إلا قبيل الفجر.

١٨تشرين الثاني

انتبهت على صوت الدرويش وكان يتلو دعاء في العربية بنغمة مشوبة بلكنة أعجمية فدخلت عليه في الغرفة فقام في وجهي متأدبا وقد ظهر الخجل

<<  <  ج: ص:  >  >>