للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثالث عشر تغير موقف مشهد الزبير تغيرا فجائيا، وذلك لأمرين مهمين أولهما أن كثيرا من البيوت النجدية التي تخلد إلى السكينة وتحب العافية، جعلت مشهد الزبير مهجرا لها ابتعدت فيه عن قلاقل نجد وحوادثها فشيدوا فيه المساكن والبيوت ومن ذلك الحين نهضت فيه العمارة الفخمة،

والأمر الثاني أن الحكومة العثمانية حسبت حساب زحف الوهابيين إلى البصرة فأخذت تحتاط الحيطة لنفسها ورأت أن مشهد الزبير كحصن للدفاع عنها في ظهرها فطوقت البلدة بسور متين وجعلت في البلدة عاملا لها وأقطعته (تنومة) إحدى إقطاعات البصرة، ولكن لم يكن لذلك العامل أقل نفوذ بل كانت أدارتها على قواعد المشيخة وهي نظام بسيط وإدارة عربية تجري بالعادات أكثر من أن تجري بالقوانين كما أن بلدة الزبير منحازة عن البلدان العراقية في موقعها الجغرافي كذلك هي منحازة في أخلاقها وأدارتها وعاداتها لم تلوثها المدنية الجديدة بأدناسها وبقيت محافظة على مزاياها الفاضلة وبزتها العربية فكأنك عندما تقطع تلك المسافة الهينة بين البصرة الحالية وبين بلدة الزبير أو البصرة القديمة تجد نفسك قد طفرت طفرة رجعت بها إلى الوراء في التاريخ والى ما وراء قرون عديدة فهذه القصبة قصبة (سلفية) وأهلها (سلفيون) وكان (السلف) العربي ماثلا بجميع أطواره فيها وتاريخ تشييد السور يتصل بعام ١٢١٧هـ (أي ١٨٠٢م) وقد اندك اليوم أكثره.

مشهد الزبير

هو بعيد الأمد في الظهور وقد ذكره الرحالة ابن بطوطة وكثير غيره واليوم ترى كتابة رقشت على صخرة في ذلك المشهد وإن هذه البناية قد جددت بأمر السلطان سليم العثماني. ومشهد الزبير عبارة عن حائط في رحبة من الأرض لا يلاصقها شيء من عمارة الاهلين. وارتفاع ذلك الحائط متفاوت. فمن جهة الجنوب والشمال من الحرم والسرحة ثلاث عشرة ذراعا، ومن جهة الغرب الرحبة والشرق تسع اذرع، ولحائط الجامع أربعة أبواب: من جهة الجنوب والشمال بابان ومن الشرق بابان.

يشاهد الداخل إلى الجامع بهوا واسعا وفي زاوية ذلك البهو مما يلي جهة القبلة شمالا قبة بيضاء معقودة على ضريح الزبير بارتفاع ١٥مترا، وعلى الضريح

<<  <  ج: ص:  >  >>