للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعو (أمير الشعراء) أن يبعث الله الرحمة فيها الرياح والأنواء وهو في البحر كأنه طائر البحر الذي يأنس بالزوابع، وهل يكون البحر عصمة إذا هبت الرياح والأنواء؛ ثم أخذ يتصوف في أبيات، ثم طفر يتكلم عن البخار ولكن بشعور عرب الجاهلية، فقال (ص ٢):

يا زمان البخار لولاك لم ... تفجع بنعمى زمانها الوجناء

وهل كان تحميل الناقة والسير عليها أياما وليالي في القفار نعمى لها حتى تفجع بها بسبب البخار؟ وقال (فيها):

فقديما عن وخدها ضاق وجه ... الأرض وانقاد بالشراع الماء

فهل صحيح أن وجه الأرض في القديم كان يضيق عن سير الإبل؟ وإن كان صحيحا فالإبل أفضل من البواخر. وهو في مقام تفضيل البخار عليها، كما يدل عليه قبل البيت قوله:. . .

(لولاك لم تفجع الوجناء) وإذا كان الماء قبل وجود البخار ينقاد بالشراع، فما فضل البخار عليه؟ - ثم أتى بأبيات كلها مبالغ فيه مبالغة شعراء القرون الوسطى إلى أن قال (فيها):

تشفق الشمس والكواكب منها ... والجديدان والبلى والفناء

ولا اعتقد أن شوقي عندما قال هذا البيت، كان يعتقد أن الشمس والكواكب كانت تخاف من قبور الفراعنة في مصر؛ ثم تأتي أبيات سخيفة وأخر عامرة. وقال (ص ٣):

ليت شعري والدهر حرب بنيه ... وأياديه عندهم أفياء

ما الذي داخل الليالي منا ... في صبانا ولليالي دهاء

وأظن كهنة مصر الأقدمين أيضاً يعجزون عن فهم ما يريده منهما (أمير الشعراء)، وقال وراءهما (فيها):

فعلا الدهر فوق علياء فر ... عون وهمت بملكه الأرزاء

ولا أدري أي فرعون يعني، فهم كثار. و (همت) إذا تعدى بالباء، فهو بمعنى نوى الشيء وقصده ولم يفعل؛ فهل يريد أن الأرزاء أرادت أن تلم بملك فرعون، فلم تفعل؟ وهو خلاف الواقع، - ثم تأتي أبيات ركيكة

<<  <  ج: ص:  >  >>