للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذين الجبلين وما كاد أجدره بالتباعد عن هذه المبالغات، وهذا الشعور الجاهلي وقال:

ويغمض أحيانا فهل أبصر الردى ... مقضا عليه أم بماضيه يحلم

ومعنى (أقض) خشن وهو إنما يستعمل في المضجع ولعله ظن مقضا بمعنى منقضا؟ وأحسن من (أبصر)؛ (وجد). وقال:

وما عجزت عنك الغداة وإنما ... لكل شباب هيبة حين يهرم

الذي أعرفه أن الشباب لا يجتمع والهرم.

وهناك قطعة بعنوان (إلى السعادة) هي جد جميلة لولا البيت:

إن الحبيب بغيض ... إذا أستمر بخالك

والخال هو الخيلاء. ولولا أن الفكرة غير طبيعية ولا أشك في أن الأستاذ كغيره يركض وراء السعادة التي يذمها. وهي كالسراب تبتعد عنه وقال من قصيدة (النوم) ص ٣١:

أيا ملكا عرشه في العيون ... يظلل دنيا الكرى بالجناح

والملك الذي يناديه هو النوم والكرى أيضاً هو النوم فهل يظلل النوم دنيا النوم؟ - أي يظلل نفسه؟ - وقال:

وتدني إلينا بعيد الرجاء ... إذا الدهر ما طلنا بالسماح

والنوم قد يدني بعيد الرجاء في الحلم فلا يصح الإطلاق. وقال:

إذا كان عش الفتى لا يدوم ... فهزل المنام كجد الصباح

وقد أراد هزل المنام كجد اليقظة. فلما لم تؤته القافية قال كجد الصباح. والصباح لا يقابل المنام وكثيرا ما يحلو النوم في الصباح.

وقال من قصيدة (الليل والبحر) ص ٣٢:

غرب البدر أم دفين بقبر ... وهوى النجم أم أوى خلف ستر

والذي أعرفه ويعرفه كل واحد هو أن القمر في حالة البدر لا يغرب عن عين الرائي فهو يبقى فوق الأفق إلى الصبح وإلا لم يكن بدرا. ثم قال:

ضل هادي العيون وأحلولك الليل ... فلا فرق بين أعمى وهر

ولا أحسب أن القمر إذا غاب، أحلولك الليل، إلى درجة أن يتساوى الأعمى والهر الذي يرى بنور النجوم ما لا يراه الأعمى، على أن كلمة الهر في

<<  <  ج: ص:  >  >>