للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما رحلت عن البلاد تشهدت ... فكأنك الداء العياء رحيلا

و (تشهدت) معناها: نطقت بكلمة الشهادة. كأنها آمنت من جديد، ولا يخفى ما في ذلك من السخف، إذ لا يتشهد بعد الضنك إلا الأغرار (السذج) من الضعفاء. وقال (فيها):

أو سمعتنا يوم الوداع إهانة ... أدب لعمرك لا يصيب مثيلا

ومن العجب أن يقسم أمير الشعراء، بعمر اللورد، على أن ما أتاه يوم الوداع أدب ليس له مثيل. ومتى اقسم شاعر أمة بمن أهانها؟ وقال (فيها):

في ملعب للمضحكات مشيد ... مثلت فيه المبكيات فصولا

يريد بالملعب (دار الاوبرة) وهي ليست خاصة بالمضحكات، بل تمثل فيها المضحكات والمبكيات و (في) في الشطر الثاني زائدة، إذ يغني عنه قوله في الشطر الأول (في ملعب). وقال (فيها):

جبن أقل وحط من قدريهما ... والمرء أن يجبن يعش مرذولا

وإحدى الكلمتين: (اقل وحط) زائدة. وقال ص ٢١٠:

أحسبت أن الله دونك قدرة ... لا يملك التغيير والتبديلا

الله يحكم في الملوك ولم تكن ... دول تنازعه القوى لتدولا

وأنت ترى أن إحدى الكلمتين: (التغيير والتبديل) في البيت الأول زائدة أتى بها إكمالا للوزن و (الله) في البيت الثاني غير معطوف على الله في البيت الأول ليكون البيت من حسبان المخاطب. وعلى هذا يكون قوله. . . (ولم تكن دول تنازعه القوى لتدولا) مغايرا لما يريده من أن الدول التي تنازعها القوى تدول. وقال (فيها):

فرعون قبلك كان أعظم سطوة ... وأعز بين العالمين قبيلا

ولم يصرح أي فرعون يريد، فالفراعنة كثار: ثم ماذا يريد أمير الشعراء بذكر فرعون وعظم سطوته وكونه أعز قبيلا، فإن تذكير مثل كرومر بهذه التوافه سخيف وهل كان الشعب في مصر أيام الفراعنة أقوى من الشعب الإنكليزي في الحاضر. وقال فيها:

ومدارسا يبني البلاد حوافلا ... حظ الفقير بهن كان جزيلا

<<  <  ج: ص:  >  >>