للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن الأنصاري شبب برملة بنت معوية أخت يزيد، فوسع ذلك حلم معوية، ولكن يزيد حمل الاخطل على هجاء عبد الرحمن هذا والأنصار فقال من ذلك:

ذهبت قريش بالسماحة والندى ... واللؤم تحت عمائم الأنصار

فذهب زعيم الأنصار إذ ذاك وهو النعمان بن بشير إلى معاوية وحسر عن رأسه وقال له: أترى لؤما؟ فقال: لا بل أرى كرما وخيرا. ما ذاك؟ قال: زعم الاخطل أن اللؤم تحت عمائمنا. . . وكاد الاخطل يقع في شر لولا أن يزيد أنقذه، فمدحه ومدح خلفاءه حتى مات في خلافة الوليد بن عبد الملك سنة خمس وتسعين هجرية فانظر تلك العصبيات وآثارها، وانظر الفرق بين دهاء معاوية وقسوة يزيد الذي ضرب الأنصار في المدينة بعد موت أبيه في واقعة (الحرة) المشهورة انتقاما منهم منذ ضربوا قريشا في واقعة بدر أيام الرسول حتى قال أحد شعراء أمية في نكبة المدينة:

ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل

٥ - عاصر الاخطل جريرا والفرزدق، وهاجى جريرا وغيره، وفخر عليهم ومدح الحكومة الأموية حين غضب عليها الشيعة والخوارج وغيرهم، وكان هؤلاء الثلاثة هم الصحف السياسية للعصر الأموي وأقوى الشعراء فنا وأعلاهم مكانة ولعل الاخطل يمتاز بأنه اصدق تمثيلا لساسة الأموية ودعوتها في استحقاق الخلافة والملك. ولكن مسألة الهجاء كانت مشغلتهم جميعا. لان الخلفاء كانوا يزيدونها لهبا ليشعلوا الشعراء والقبائل بأنفسهم حتى لا يفزعوا للحكومة ويناقشوها الحساب على قاعدة (فرق تسد) فانضم الفرزدق إلى الاخطل وتهافت عليهم عشرات الشعراء يهجون جريرا، فأخملهم جميعا؛ ولم يثبت إلا صاحباه هذان، على أن الفرزدق كان أفخرهم لحسبه ونسبه وكان جريرا أسيرهم شعرا وأسلمهم أسلوبا وأكثرهم فنونا حين كان الاخطل أوصفهم للخمر وأحسنهم مديحا وأطهرهم هجاء.

وهنا يمكننا أن نوجز القول ونختصر فنون الاخطل الرئيسية في المدح

<<  <  ج: ص:  >  >>