للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس كل رؤيا هي سلوى العاشق فقد تكون مفزعة. ولما كان (حين تركتني) قد جاء وراء (سلواي) يفهم القارئ إنه ظرف لها فيفسد المعنى إذ يكون زمان السلوى التي يتطلبها هو الحين الذي لا يرقد فيه فما وجه لومه لليل الذي ضن بالرؤيا وإما أن كان ظرفا لتضن فإن هنالك الشطط إذ يكون المعنى أنت تضن الآن في الماضي كما يفهم من قوله (حين تركتني) ولا أدري كيف يجتمع الحال والماضي، وقال:

دل الظلام على المدامع خاطرا ... أعيى عليه مع الصباح المورد

أعيا على الخاطر في الصباح مورد المدامع وقد كان الليل يدل عليه بظلامه يريد إنه في الصباح ترك البكاء وهو خيال سخيف. وقال:

العقل شيخ والحياة فتية ... والعيش بينهما شقاق مجهد

والحقيقة أن العقل هو الفتي والحياة هي العجوز لأن الحياة قديمة في وجودها والعقل حادث قد اتصل بالحياة بعد ألوف من السنين. والعقل قد جاء لحفظ الحياة في الجهاد العام فكيف يكون العيش بينهما شقاء مجهدا على الإطلاق. وقال

أواه من عبث الحياة وسوء ما ... يجني الزمان وشر ما يتوعد

لا أشتكيه فقد أمر فساغ لي ... ما لا يسوغ وسرني ما يكمد

إذا ساغ له ما لا يسوغ وسره ما يكمد فلماذا يتأوه. وقال ص ١١٧:

وجزعت حتى قيل جن من الأسى ... وصبرت حتى قيل صخر جلمد

وهو مثل قول أبي صخر الدؤلي:

هجرتك حتى قيل لا يعرف الهوى ... وزرتك حتى قيل ليس له صبر

وقال:

أبدي التجلد والتجلد في الأسى ... بعض الرياء وبعضه قد يحمد

فمن أي النوعين تجلده؟ وقال

والغصن تسقط إذ يميل ثماره ... ويزل عنه الزهر إذ يتأود

القصيدة كلها نصح وعتاب واستغناء وتزلف وشطط وقصيدة (دوائي ودائي) ص ١١٨جيدة. وقال من قصيدة (سطوة الجمال) ص ١١٩:

أن من أودع المحاسن فيها ... أودع الخوف رحمة في العيون

<<  <  ج: ص:  >  >>