للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الأشغال، بينما يرى النساك والحبساء في مناسكهم يعبدون الله ويترضونه بقرباتهم.

أما اليوم (في سنة ١٨٩٧ لأننا كنا اعددنا هذه المقالة في ذلك العام) فيشاهد فيها أناس يدعون النصرانية التي يظهرونها ويعملون بالشمسية التي يبطنونها من باب المتاقاة خوفا على أرواحهم وحرصاً على التمسك بأذيال مذهبهم بل بأسماله. ويتخذون تلك الكهوف لغايات مختلفة: للسكنى ولحفظ مواشيهم ولسجن أعدائهم فيها، إذ يتخذون تلك الجباب أو تلك المغاور سهوات يغيبون فيها أعداءهم (وهم يريدون بهذا الاسم المسلمين) ليعذبوهم فيها شر عذاب من جوع وعطش وعري ورجمهم (أي ورمي حجار عليهم)، فيثأروا قتلاهم أو يتروهم لعداوات سبقت لهم بينهم وبين السجنى أو بين ذوي قرباهم.

٢ - وصف خلقهم وخلقهم

الشمسيون قوم تدل ملامحهم على أنهم جبليو النجار، يمتازون بطول القوام وخلق مفتول،

هامتهم في الغالب كبيرة، وشعرهم أسود فاحم وافر، وانفهم أقنى، وفمهم واسع، وعينهم دعجاء نجلاء، وشاربهم ضخم، ولحيتهم كثة، وذراعهم طويلة عبلة، وكفهم واسعة، وأصابعهم مستطيلة كأنها (أصابع فرعون)، وصدرهم رحب، ومنظرهم جهير، وبطنهم ملموم، وساقهم مملوءة وقدمهم عريضة كبيرة، وفي الجملة تراهم كالجبابرة. وتشاهد نساءهم في غاية الحسن والجمال والروآء. والذي طالع في التواريخ القديمة شيئا عن وصف الماردين (أو المردة أو الماردية لا يشك في أن هذا الجيل من الناس نازل منهم ومن صلبهم. والأخبار العتيقة تؤيد هذا الرأي ولغتهم - التي فيها شيء من الرطانة - تدفعنا إلى قبوله والاعتماد عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>