للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا من جهة خلقهم وأما خلقهم فيشبه خلق الجبليين فأنهم غليظو الطباع جفاتها، يستسهلون القتل إذا ما رأوا غفلة من أعدائهم، يقطعون الطرق على خصومهم ويباغتونهم شر مباغتة، وإذا قتلوهم مثلوا بهم، ولهم شجاعة عظيمة وأقدام غريب على اقتحام المصائب كأن نفسهم قدت من الجلمود - لو أمكننا هذا التعبير - وهم لا يهابون الموت. ومن شجاعتهم أنهم يهجمون على الذئاب أو الضباع أو خنازير البر أو على نحوها من الضواري بسلاح قليل لا يساعد غيرهم على اتخاذه والتصرف فيه وهم يحبون الضيف ويكرمونه ولا يغدرون به البتة، ويعرفون بالجود والكرم وإباء النفس. يهربون من موبقات أهل الدين ويستفظعون شنائعهم وهم أصحاب جلد لاحتمال البرد والثلج والجوع إلى غير ذلك من الخصال الحميدة.

٣ - موطنهم الأصلي

الذي عندنا أن هذا القوم طارئ في تلك الهضاب وأصله من الماردين الذين كان وطنهم الأول الديار الشمالية من بحر الخزر أو بحر قزوين. وكان ملوك الروم جلوهم ونقلوهم إلى جبال الجزيرة وسورية ولبنان. ومن اسمهم تسمت مدينة (ماردين) وبقي هناك عدد منهم وكذلك في جوار ديار بكر وجبال شمالي الجزيرة، فحفظوا آدابهم وأخلاقهم وديانتهم وقد اتبعوا المسلمين في غزواتهم فحفظوا آدابهم وأخلاقهم وديانتهم وقد أتبعوا المسلمين في غزواتهم الأولى إذ قاوموهم أشد المقاومة وكابدوا منهم الأمرين. وربما كان منهم أيضا بنو الأحرار والأبناء والأحامرة والأجامرة والأساورة والجراجمة وبعض الجرامقة لا الجرامقة

كلهم، لأن الكتلة الكبرى في هؤلاء الأخيرين العنصر السامي وربما كان العنصر العربي.

٤ - ديانتهم

أول شيء يظهر للعيان عند مشاهدة هؤلاء الناس، أن الشمسين لا يصلون ولا يصومون علنا ولا يأتون عملا دينيا بينما يدل على عبادتهم للإله، أو على اعتقادهم بنبي من الأنبياء. وإذا خالطهم الإنسان عرف أنهم لا يعتقدون بنبوة

<<  <  ج: ص:  >  >>