للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الألفاظ والكلمات الفارسية حتى أن أقدم كتاب عربي عندنا لم يخل من الدخيل الفارسي.

يبتدئ تأثير العربية بالسريانية منذ عهد الجاهلية حين كان لبني غسان سلطة من قبل الروم على بعض أنحاء البلاد العربية. ثم كان دخول العرب دمشق وافتتاحهم سورية ومعلوم لدينا أن هذه اللغة كانت لسان اغلب أهل سورية حتى أن بني غسان العرب الصميم كانت السريانية تخالط كلامهم العربي. ثم كان وزراء الأمويين المشهورين وهم كما نعلم من أبناء الشأم كابن سرجون عضد معاوية وغيره. فإن حكومات العرب لم يكن لها في بادئ الأمر من العربية إلاّ أسمها بل كان ذلك في كل أيام حكمهم في دمشق؛ إذ كانت في أيام حكم الأمويين، عربية المظهر سورية الإدارة وفي دولة العباس في بغداد، فارسية عراقية الإدارة وقل كذلك عن باقي البلاد التي افتتحوها. ففي مصر الأقباط (الذين اتخذوا الإسلام دينا) وفي الأندلس المغاربة ولم يلحق العرب بعد مائة عام من ظهور الإسلام سوى العلامات البارزة وظلت السريانية في الديار السورية تغالب العربية وهذه تغالبها حتى تم النصر للأخيرة فلجأت الأولى إلى شمالي لبنان، إلى أن قضي عليها كل القضاء في المائة السابعة عشرة للسيد المسيح، ولا يزال الجائل في لبنان يجد اليوم شيئا من اللهجة السريانية في بعض القرى النائية.

كل هذا الاحتكاك، أولد - ولا مراء في ذلك - أثرا، نراه باديا لنا. ولا سيما في لغاتنا أو قل في لهجاتنا العامية فكسبت منه العربية كسبا جزيلا. ولذا نرى من الواجب المحتم أن تلقن في المدارس إحدى هاتين اللغتين، في الفرع الخاص بالعربية، أي أن تكون من مواد درسها. (وإن لا يقبل) في أي أكاذمية من المجمع العلمي العربي، سوى من أتقن إحداهما. أو كليهما - ركن التأثير في العربية ومقلع رخامها - (إذا كان عضوا في الأكاذمية العربية)، فضلا عن تذرعه ببعض لغات أوروبية كي ينقل عن آدابها ما يوافق العربية ويعوزها.

الناطق بالضاد من يتعلم إحدى اللغات السامية، ويتعلم العربية أيضا ومن حيث أن لغتنا هي لغة سامية، إذ قد تكون ابنة لإحدى لغاتها. فإن من يتعلم الأم يتعلم ما تسلل فيها منها ويستفيد منها. أنظر إلى اللاتينية فأنها أم الفرنسية، فمن

<<  <  ج: ص:  >  >>