للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرقيقة أن كانت ممدودة وإن كانت مقصورة، فليس في لغتنا ما عند الغربيين ما يصور لنا هذه وإذا قيل لنا: إننا ندخل على حروفنا بعض التعديل، قلنا: هذا التعديل لا يكون إلاّ بزيادة حروف جديدة (وهذا حسن) وبزيادة الحركات لتأدية الأصوات الموجودة في لساننا أو ألسنة الغير وليست موجودة في كتابتنا. قلنا: إننا نضطر حينئذ إلى كتابة سطرين أو ثلاثة في وقت واحد: سطر للحروف وسطر أو سطران للحركات والتنقيط فيذهب الوقت عبثا وتزداد الكتابة نقوشا غريبة وهذا كله لا يمنعنا من تعلم النحو بما فيه من القواعد الكثيرة المملة؟ أما اتخاذ حروف الغربيين فيقصر وقت الكتابة ويسهل علينا قواعد النحو فيحصرها في قواعد قليلة كما هو الأمر في اللغات الغربية من قديمة وحديثة. فيتسع لنا الوقت لتعلم علوم جديدة أو لغات أخرى، بدلا من أن نقضي عقودا من السنين في حفظ ما قاله سيبويه وأنكره السيرافي، وما ذهب غليه البصريون وخالفهم فيه الكوفيون، وما نطقت به القبيلة الفلانية، وسكتت عنه القبيلة الأخرى، وما أيده المحدثون ونفاه الأقدمون، وما استعمله الفصحاء ولم يتخذه العوام وقد يهون تبديل شكلات الضبط فتتغير المعاني.

أما رأينا الشخصي فنحن نفصل حروفنا الحالية على سواها، لأنها تضطر أولادنا على تعلم غيرها إذا أرادوا إتقان لغة من لغات أبناء الغرب فتتسع مخيلتهم ولا يفقدون النطق

بالحروف السامية الفخمة الخاصة بلغتهم. فقد أتضح للمحققين أن الساميين الذين يجارون الغربيين أو الذين يكتبون لغتهم بالحروف الغربية يفقدون في الوقت عينه النطق بالحروف الحلقية الفخمة فتعظم حينئذ مفاسد اللغة فيختار عليها أبناؤنا لغات الغربيين ومن ثم يحل بلغتنا ما يحل الآن ببلادنا لكون أعاجم في لغتنا كما نرى نفوسنا أجانب ونحن في عقر دارنا.

على أننا نقول: إن رغبتنا هذه وتعلقنا بقلمنا العربي الجميل لا يبدل شيئا من القضاء المبرم الذي لا بد من حلوله ذات يوم وهذا القضاء هو: إن العالم سائر إلى (تعميم الوحدة) في كل شيء وسوف يأتي يوم تصبح فيه كتابة لغتنا بالحرف الأجنبي كما يأتي يوم يعم فيه (لسان واحد) في العالم كله فتبقى العربية وحروفها لغة الدين وكتابته لا غير كما وقع للاتينية واليونانية وكانت من أعم لغات الدنيا. فماتتا وقام من رفاتهما اللغات

<<  <  ج: ص:  >  >>