للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاجتهاد، وإفناء أشعة الأبصار بالسهاد.

وعلى ذلك فإنني لم يبق لي التوسع في هذا الشأن الذي هو ولا ريب رأس شؤون الممالك التي بزغ عليها فجر التمدن العصري إلا من باب تحصيل الحاصل، لما يتخيل للخاطر من أن حكومتنا العزيزة الناهضة لمحاولة (الطفرة) تعمل لا محالة على الأخذ بمثل هذه الذرائع التي ترتفع بها مكانتها بين سائر الحكومات اليقظة النافذة الشوكة. الثابتة السطوة، ربة البصائر الضاربة في مذاهب العلم والاختراع إلى ما وراء المدارك العقلية؛ بل إنها بهذا (تؤيد) ما أجهرت به في مستهل تأسيس عرشها، من تأهبها لاستعادة عصور عز بلادنا وحضارتها المندرسة، ألا وهي تلك الحضارة العباسية الوهاجة التي تقلصت أشع سناها عن ربوعنا الشرقية، فكان الغرب مجتمع أنوارها، فاستصبحت أممه بتلك الأنوار فدهشت العقول والإفهام بما كان من وراء انبثاقها من المكشوفات والاستنباطات التي تفوت الحصر لما بذل القوم من الجهد والمثابرة في البلوغ إلى كل ما يتمثل للذهن ويمر في الخاطر من الغايات التي قد تظهر لطالبها في حد المستحيلات مما نهض بهم إلى أسمى ذرا الفخر وعلى أثره أخذ يعمل العاملون، غير أن الخواطر إذا طمحت إلى استطلاع منشأ المؤثرات

التي حملت في بادي الرأي أنصار هذه المدنية على التنبه لبث طلائعها بين ظهرانيهم، لم يكن لها محيد عن ضرورة الحكم بأن مصدره لم يكن إلا التقليد والانتحال تحديا بما يؤثر عن المأمون الخليفة العباسي من أنه لما تراءى لعين حكمته أن قوام كل مملكة برجالها، ولا رجال إلا بالعلم، لأنه هو الذي يرهف أذهانها في سداد، ويقوم خطاها في رشاد، ويكسبها من صفات الرجولية ما يؤهلها في سداد، ويقوم خطاها في رشاد، ويكسبها من صفات الرجولية ما يؤهلها لأن تكون أمة حية ذات بأس ونجدة تستطيع الدفاع عن نفسها في معترك الحياة صيانة لاستقلالها، وذودوا عن حوزتها، - ما عتم أن هب هارعا إلى إبراز هذه الفكرة من حيز القوة إلى عالم الفعل، فشد لها مئزر الإخلاص واندفع بعوامل قلما يحلم الدهر بمثلها إذ جمع أهم الطوائف العزيزة القدر من كتب اليونانيين والكلدان والفرس في الطب والحكمة والعلوم

<<  <  ج: ص:  >  >>