للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظن أن الاسم شاع في الأندلس شيوعا عظيما فسمعه المسلمون وسموا به أولادهم من غير أن ينظروا إلى معناه ومثل هذه التسمية كثير.

فمن كان يظن أن اسم بشكوال معناه ابن الفصحي؟ وإذا علمت أن نظائر هذه التغييرات جمة لا تحصى وورد مثلها قبل الإسلام وبعده تحققت أن أسرار اللغات من أدق الأمور بحثا واستقصاء.

الباء بعد إذا الفجائية

ذكر النحويون أن الباء الداخلة على الاسم الذي يلي (إذا) الفجائية لفظا هي زائدة وأن الاسم مبتدأ في الأصل وذلك في مثل قول الأصمعي في ص٣٥ من الجزء الأول من الكامل (فإذا به في شملة) فتأويله عندهم (فإذا هو في شملة) فأقول: إن الذي أطلع على كلام أسلافنا الكرام وجد أن (إذا) الفجائية يليها ضمير رفع أو اسم ظاهر غالبا ولم أر في القرآن الكريم غير ذلك. أفعند دخول الباء شاذا أم نفتش عن سر هذه القضية النحوية فنؤيد من ادعى أن الباء قياسية الدخول بعد إذا. التفتيش عن السر أولى فالكيه (إن الضمير الذي يلي إذا أما يكون ضمير المفاجئ مثل (بحثت عنهم فإذا هم جالسون) وأما يكون ضمير المفاجأ مثل (بحثت عنهم فإذا أنا بهم جالسين) ولكن العرب استجازوا حذف ضمير المفاجئ على ما ظهر لي فالقول (فإذا به في شملة) أصله (فإذا أنا به في شملة) ومن ذلك يظهر لنا أن (إذا) لا تدخل على الضمير المجرور إلا بتقدير ضمير رفع بينهما يستقيم به الكلام. قال رجل

من ثقيف في (١٤٤: ٣) من الكامل (ثم أصبحت والناس يقولون: قتل أمير المؤمنين الليلة فأتيت الحسن (وإذا به) في دار علي عليه السلام) فالأصل) وإذا أنا به في دار علي) والذي يؤيد دعواي قول رجل من أصحاب عبيد الله بن زياد في (١٤٩: ٥) من الكامل (خرجنا من جيش زيد خراسان فمررنا بآسك (فإذا نحن بهم ستة وثلاثين رجلا) فانظر إلى قوله (فإذا نحن بهم) لأنه يبطل دعوى من يقول إن الهاء في (بهم) مبتدأ في الأصل ويؤيد تعليلنا تأييدا شديدا فلو قال هذا (فإذا بهم ستة وثلاثين رجلا) ما أخطأ بل جعل كلامه عرضة للالتباس ويأبى ذلك ذوقه العربي.

مصطفى جواد

<<  <  ج: ص:  >  >>