للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه كلها أمور تاريخية أقر فيها بأنه منبأ لا متنبئ ومخبر لا كاهن وأن الرسول (ص) قد نبأه بذلك المقام. فما هذا التخليط الذي هو نقل ونقض. أما خبر الحجاج فقد تطرق إليه ابن أبي الحديد ففي شرحه (٤: ٤٨١) نقل عن كتاب الاستيعاب لأبي عمرو بن عبد البر بقوله (قال أبو عمرو، قال يعلى بن حرملة دخلت مكة بعد ما قتل عبد الله بن الزبير بثلاثة أيام فإذا هو مصلوب فجاءت أمه أسماء وكانت امرأة عجوزا طويلة مكفوفة البصر فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ فقال لها: المنافق قالت والله ما كان منافقا ولكنه كان صواما قواما برا. قال انصرفي فإنك عجوز قد خرفت. قالت لا والله ما خرفت وأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول (يخرج من ثقيف كذاب ومبير. أما الكذاب فقد رأيناه، تعني المختار. وأما المبير فأنت) اهـ. قلنا فإذا كان النساء يخبرن بأخبار الحجاج عن الرسول (ص) فلماذا استبعد الأثري الأخبار من رجل هو أولى بالإخبار عنه؟ وأعظم أستيجابا للتصديق؟

٥٩) ونقل المبرد في كامله ج ٣ ص ١٠٨ من أخبار الخوارج (وقيل له: أنهم يريدون الجسر. فقال: لن يبلغوا النطفة. وجعل الناس يقولون له في ذلك حتى كادوا يشكون ثم قالوا

قد رجعوا يا أمير المؤمنين فقال: والله ما كذبت ولا كذبت) ولئن أراد الأثري أن يطعنه بالقول لقد أرادوا طعنه بالرمح لإخباره بما نقل عن الرسول عن الله. فقد نقل ابن أبي الحديد في شرحه عن المدائني في كتاب الخوارج مثل هذا الخبر وفيه (فيقول شاب من الناس: والله لأكونن قريبا منه فأن كانوا عبروا النهر لأجعلن سنان هذا الرمح في عينه، أيدعي علم الغيب؟ فلما انتهى علي عليه السلام إلى النهر وجد القوم قد كسروا جفون سيوفهم وعرقبوا خيلهم وجثوا على ركبهم وحكموا تحكيمة واحدة بصوت عظيم له زجل، فنزل ذلك الشاب فقال: يا أمير المؤمنين إني شككت فيك آنفا. . .) ولا يغرب عن بال الأثري أن أمثال هذه الأمور حدت بعض الكفرة الفجرة على اعتقاد حلول الله فيه واتخاذه إلها من دون الله والعياذ هو الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>