للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحامس: الجريء الشجاع وهو عندنا مشتق من الحمس وزيدت الراء في أوله لتفيد عمل الجريء الذي يتكرر في كل مرة تظهر فيها شجاعته. ومن لا يتكرر فيه العمل لا يقال له رحامس. والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى وكلها تؤيد مذهبنا هذا الذي لم يذكره أحد قبلنا.

ومما يدل على أن الداخلة الآرية أو اليافثية بحسب اصطلاح اللغويين الجدد مقطوعة من (راع) أن العرب سلفنا اتخذوا العين داخلة في بعض الأحيان بدلاً من الراء فقد قالوا مثلاً (عصفور) ويريدون به كل طائر صغير يكثر من الصفير ولا جرم أن الأصل هو (صفر) وأصل صفر هو (صف) وهو حكاية صوت الصفير في أبسط تركيبه ومنه في الإفرنجية

وكذلك في الرومانية وولما أرادوا الدلالة على أن هذا الطائر يكرر الصفير أدخلوا عليه العين المقطوعة من (راع) الذي تفيد الترجيع فصار معناه الطائر الذي يردد الصفير كثيراً، لكنهم زادوا اللفظة معنى آخر هو التصفير ومن صيغ التصغير عند الأقدمين (فعلول) فقالوا إذن (عصفور) الذي غدا معناه: طائر صغير يصفر صفيراً بل يعيد الصفير مراراً. وهذا معنى دقيق يكشفه لنا الإمعان في استكشاف أسرار اللغة.

نعم أن بعض الأقدمين من لغويينا إنما سمي العصفور عصفوراً لأنه عصا وفر. قاله حمزة ونقله صاحب التاج والدميري وغيرهما. أي أن هذا الطويئر سمي كذلك لأنه لما كان في الجنة عصى الله ففر منها. ونحمل ذلك على سبيل المزاح لا على سبيل الجد إذ العصفور كان يستطيع أن يفر قبل أن يدخل الجنة وليس العصفور وحده بل جميع الطيور على اختلاف أنواعها.

ومن الغريب أن لفظ العصفور يشبه الرومانية (أي قصر بقلب في الحروف) أما اليونانيون فانهم ابتعدوا عنا وعن مجاوريهم بقولهم (ستوثوس) والإنكليز يقربون منا في اللفظ إذ يقولون ويقاربنا أيضاً في الكلام الصكصون الأقدمون والغوط والدانيون والأسلنديون والجرمنيون وكل من تفرع من هذه الرسوس - ولا نريد أن نسترسل في هذه الداخلة لأن البحث طويل عريض ونكتفي بما ذكرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>