للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو جثوة ترى من بعيد).

وبعد هذه النقول لا نرى رأي حضرة الصديق المخلص أن الحشى هي التي تسمى الحسكة اليوم، لو فرضنا أن رواية النسخة الخطية المصرية صحيحة لا غبار عليها وأنها واضحة القراءة لا شبهة في أنها الحشى إذ لا مجانسة بين الحسكة والحشى وأن كان بادية العراق تلفظ جيما فارسية أو عجمية لا لهذه الكلمة فقط بل لكل كلمة فيها كاف مثل سمك وشبك

وشباك. . فأنهم يلفظونها سمج وشج وشباج بجيم مثلثة فارسية أي بين الجيم العربية والشين (راجع لغة العرب ٥: ٦٣٨ حيث ذكرنا الحسكة ولفظها).

أما رأينا الخاص فهو أن الكلمة الحقيقية هي الجثى (بضم ففتح) جمع جثوة أركام الحجارة الموضوعة على القبر لأن أهل البادية يفعلون اليوم ما كان يفعله أجدادهم في سابق العهد وهو أنهم أرادوا دفن ميت لهم اختاروا له المرتفع القريب منهم حتى يهتدوا من بعيد إلى ميتهم إذا أرادوا الاختلاف إليه. وألم يكن في جوارهم أرض مرتفعة وضعوا على قبره تراباً وسنموه ثم وضعوا فوقه ما تيسر لهم جمعه من الحجر أو المدر ويسمون هذا المجموع الجثوة أو الجثى كما سمعناها من لسانهم.

وفي ديار العرب عدة مواطن مسماة بالجثوة للأسباب التي ذكرناها وربما هناك من يذهب إلى غير ما ذهبنا، ولعل رأيه يكون غير بعيد من الحق بل يكون مقبولاً. أما أن الحشى هي الحسكة فهذا ما نستبعده ولا سيما وهذه اللفظة حديثة الوضع.

وذكر أبن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة (١: ٤٤٣) أربعة أبيات من هذه القصيدة وهي كما يأتي: أيا شجر الخابور، وما بعده باختلاف في بيتين وهما:

ولا الذخر إلا كل جرداء شطبه ... وكل رقيق الشفرتين خفيف

فقدناك فقدان الربيع وليتنا ... فديناك من سادتنا بألوف

<<  <  ج: ص:  >  >>