للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣ - قضاء القرنة

القرنة محل اقتران دجلة بالفرات ولفظها اسم من الاقتران كالفرقة من الافتراق وكان الرومانيون يسمون محل اقتران الفراتين في القرن الأول للميلاد (دقبة أو دجبة) حيث كان يلتقي الفراتان. وفي أواسط القرن الثاني للميلاد كان النهران يجتمعان عند مدينة (افامية) وفي عهد ياقوت كانا يجتمعان في (مطارة) قال ياقوت في معجمه (مطارة من قرى البصرة على ضفة دجلة والفرات في ملتقاهما بين المذار والبصرة) وذكر الحاج خليفة في كتابه

(جهان نما) أن دجلة كانت تلتقي هي والفرات في موضع يسمى (الجوازر) لان المياه كانت تجزر هناك. فالقارئ يرى مما تقدم ذكره أن محل اقتران دجلة والفرات تسمى بأسماء مختلفة كان آخرها (القرنة) وقد كانت قلعة قديمة تصد الهاجمين على البصرة. واتفق أن هذه القلعة تهدمت في أيام آل افراسياب فقام بتجديد بنائها علي باشا جد هذه الأسرة ونسبت إليه أياما حيث سميت (العلية) فلما طوي بساط آل افراسياب استرجعت القلعة اسمها القديم وهو القرنة. ولم يظهر حتى الآن من يرشدنا إلى تاريخ بناء هذه القلعة أو الشخص الذي بناها إلا أن بعض المؤرخين يذكرون أن القرنة كانت أول مركز للشيعة في العراق بعد واقعة الجمل ومما يؤيد هذا القول وجود قبر عمر بن زين العابدين فيها يؤمه الناس.

والقرنة اليوم مركز للقضاء المسمى باسمها وهي قصبة جميلة المنظر تمتد على ساحلي دجلة والفرات فيها ٢٥٠٠ نسمة وحالتها الاقتصادية منحطة وسير العلم فيها مهمل ومبانيها متوسطة وأسواقها متناسبة مع أهميتها التجارية وطرز بنائها. ويشاهد فيها إلى اليوم آثار شجرة قديمة مشهورة عند أهلها باسم (البرهام) ويزعم أهلها أنها من زمن آدم (ع) (كذا) ويقول البعض أنها من زمن المسيح (ع) وقد اعتاد البلة من السكان هناك أن يشدوا الخرق حولها ويطلوا المحيط بها بالحناء تبركا بقدمها وأملا أن تقضي حوائجهم وتبعد هذه القصبة عن الشمال الغربي لمدينة البصرة ٤٦ ميلا ولكون دعاية الشيعة كانت محتدمة أيام عزها وصولتها حدثت في هذه البقعة حرب هائلة بين سكانها والعباسيين ونظرا لوقوعها في وسط البطائح كانت ولا تزال محمية بحكم موقعها الجغرافي وما يحيط بها من

<<  <  ج: ص:  >  >>