للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القريض في فن التمثيل]

نظرة تحليلية انتقادية في (مصرع كليوباترة)

تتمة

أرد المؤلف وأبدع أن يصور في انطوان، حمية الروماني، وقد فقد اعز ما لديه في الوجود إذ أضاع شرف القائد في هزيمته الشائنة، ووجد روما ألهته ومعشوقته تحاربه باسم اكتافيوس، فابى عليه آباؤه الضيم، ذلك الإباء الروماني الشهم وتناوشه خبر انتحار كليوباترا الكاذب (الذي يظهر لنا خدعة من كليوباترا نفسها حين أرادت به تحطيمه كي لا ينازعها وهو المقهور فيما تؤمل نيله من إشراكها للظافر العظيم) وسما إذ تلمس كلوما دامية في فؤاد اليائس وما أهول ما يكون المرء آلاما وشجنا ومصابا حين تدهمه الحقيقة القاسية وجها بوجه وتهتك أستار أحلامه. فيرى نفسه شريدا طريدا منفيا مقصى عن بلاده فتفيق دواميه، وتنهل مدامعه، فهو بائس حزين! وتقفى الشاعر هذا المنوال في إظهار وله القيصر المنكود الطريد، بسالبة لبه ورشاده فغدق عليه أبياتا متموجة وأشاده:

صفحا كليوباترا! فربت زلة ... قد كنت تغتفرين حين أراك!

لما لقيتك في الجمال وعزه ... قهرت قواي الظافرات قواك

فنسيت في واديك ذكر وقائعي ... وسلوت أيامي بيوم لقاك

سجدت لأعلامي الصوارم والقنا ... وابن مهند لحظك الفتاك

قدت الجحافل والبوارج قادرا ... مالي ضعفت؟ فقادني جفناك!

أخرجت أمري واختياري من يدي ... وتركتني نفسا بغير ملاك

خلت السلامة في نواك فذقتها ... فإذا الكوارث كلهن نواك!!

أبدع تنسيقا وتفننا في حين ازدرى انطوان أي ازدراء وإهانة بل أراد نزله، حين الصق به، في هذه الأبيات (خروج أمره واختياره من يده) ثم حاول أن يثبت عصيانه روما، في حين انه لم يعصها، وإنما خلافه لاكتافيس، وأرث يوليوس قيصر هو الذي جر عليه هذه المشاكل، وكفى أن خصمه اكتافيس

<<  <  ج: ص:  >  >>