للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاجتماع؛ بل الذي أريد أن اعرضه على قراء (لغة العرب) هو ما أشرت إليه في صدر هذه المقالة ولمحت إليه في كلامي عن هيت (راجع لغة العرب ٢٤٩: ١)

٣ - حالة العراق الاجتماعية الحاضرة

إن صدري، وربك، ليضيق؛ بل ويقف قلمي عندما أريد أن أخوض في هذا الموضوع، لألم بحالة العراق العلمية والاجتماعية الحاضرة، وما قضى به عليها الدهر الخؤون، والطالع التعس، من التقهقر والتأخر وتبديل الحال بما هو اتعس منها من ذل، وجهل، وفقر، وفقد رجال علم وعمل. فقد اصبح الوطن بين جاذب ودافع وعامل لخرابه وجاهل بإصلاحه وضارٍ له غير نافع إياه. اللهم إلا في هذا العهد الجديد الذي تغيرت فيه الأحوال.

ولا ادري ما السبب لهذا التأخر؟ إلا أن النواميس الطبيعية التي وضعها الحكيم، جل وعلا، هي أقوى دليل على إثبات الأسباب؛ فقد قضى ربك أن يكون لكل شيء ناموس طبيعي يجذبه إلى العلو، ويرفعه إلى فوق، وإذا فسد مجراه، عاد إلى الوراء أو هوى إلى تحت. وقد كانت هذه البلاد لما كان القائمون بها رجالاً يسيرون بها على مقتضى القانون والحكمة التي وضعها الله، سبباً لرقي الأمة: منبع الحكمة، وكعبة العلم، وأم المدنية، وعروس الحضارة والتقدم، في العلم والأدب والصناعة والزراعة والتجارة والحكمة والفلسفة والهندسة والطب وغير ذلك. فنبغ في ذلك الأوان أولئك الرجال الكبار الذين كانوا السبب الأعظم في كشف كثير من الأسرار الغامضة في عالم الطبيعة.

ذلك ولما كانت العربية تتجلى عصرئذٍ في وطننا بأجلى محاسنها، وأبهى مناظرها، وكان إذ ذاك قائد الأمة واحداً، وهو التعاون على حفظ كيان الدين والوطن والاتحاد، وعلى السعي للحصول على السعادة المقدسة الدائمة، بلغت هذه الديار أقصى غايةٍ من الحضارة والعمران.

أما اليوم وقد بدل من على هذه الأرض، وتغيرت تلك الأحوال، وطمست الآثار، وتهدمت صروح العلم، وسلط ربك على هذه البلاد الغرق،

<<  <  ج: ص:  >  >>