للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحرق، والطاعون، والتفرقة، غدت العربية تندب رجالها، وتبكي المنازل أبطالها، والمدارس طلابها، وأمست إلى ما تراه، أي لا تجد من الناس إلا القليل ممن يعرف تاريخ بلاده، وحياة آبائه، أو يحسن النطق بلغته. وهل بعد هذا الهوان العظيم هوان اعظم وادهم؟!

وكلما سرحت طرفي في تاريخ هذه البلاد، وأخذت أفتش عن تلك المعاهد والمنتديات، وتلك المدارس والكليات، وتلك المعالم والمستشفيات، لا أجد فيها إلا آثاراً قائمة على جرفٍ

هارٍ، كالمستنصرية، وقد اصبح قسم منها داراً للمكس، وآخر مطبخاً للآكلين، وشطراً منه مشرب قهوة للبطالين وأهل الفراغ. فيا لخجل العراق والعراقيين! وكلما أردت أن أرى رجالاً مثل الفارابي، وابن سينا، والبغدادي، لا يقع نظري إلا على أناس أفذاذ شغلتهم الحياة الدنيا عن السعي مثل ما سعى إليه أولئك الرجال، ولا أرى إلا مظاهر جلها البلاء الأكبر على البلاد، والعباد.

٤ - حدود العراق وقسماه

اختلفت حدود العراق باختلاف الأعصر والدول. قال ياقوت في معجم البلدان: (قال بعضهم: العراق هو السواد. . . وذهب آخرون في ما ذكر المدائني فقالوا: حده حفر أبي موسى من نجد، وما سفل عن ذلك يقال له العراق. وقال قوم: العراق: الطور والجزيرة والعبر. والطور ما بين ساتيدما (والمراد بساتيدما هنا جبل حمرين) إلى دجلة والفرات. وقال ابن عياش: البحرين من أرض العراق. وقال المدائني: عمل العراق من هيت إلى الصين والسند والهند والري وخراسان وسجستان وطبرستان إلى الديلم والجبال. قال: واصبهان سنة العراق. وإنما قالوا ذلك لأن هذا الكلام كان في أيام بني أمية يليه والى العراق لا أنه منه. والعراق هي بابل فقط كما تقدم.) اهـ

ومهما يكن من أرف العراق سابقاً، فحدوده اليوم هي: الجزيرة في الشمال وخليج فارس في الجنوب، وجبال لورستان وبعض خوزستان وشيء من عربستان

<<  <  ج: ص:  >  >>